ويأبى العام الهجري المنصرم 1442هـ ألا يغادرنا ويطوي صفحته من حياتنا إلا بعد أن يثخن جراحنا ويضرم صدورنا حزناً وألماً وحسرة على من فقدناهم في الأشهر القليلة الماضية من أقارب وأصدقاء وأحباء ليأتي الخبر المفجع برحيل أحد أبنائنا زين الشباب محمد بن فهد بن عايد العمراني الحارثي الذي قضى أجله المحتوم إثر حادث مروري أليم بمحافظة ميسان بني الحارث صباح يوم الاثنين 1442/12/30هـ. وكان لنبأ رحيله المفاجئ وقع أليم ومحزن في نفسي ونفوس كل من علم أو حضر لحظات الصلاة عليه ودفنه بجامع ومقبرة عبدالله بن عباس بالطائف ممن اكتظت بهم أروقة وساحات الجامع فلا نملك إزاء هذا المصاب الجلل إلا أن نقول الحمد لله على قضائه وقدره ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ورحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه فسيح الجنان وعوضه خيراً في شبابه وجبر على قلب والديه وإخوانه ورحم من لقوا مصرعهم معه وأحسن عزانا وعزاؤهم جميعاً {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} الآية 34 من سورة الأعراف، {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} آخر سورة لقمان.
رحلوا فأية عبرة لم تسكب
أسفاً وأي عزيمة لم تغلب
ومما سرني وسط هذه الأجواء المحزنة أنني علمت من المقربين بأن فقيدنا الغالي كان قد قضى إجازة نهاية الأسبوع مع والديه في ربوع منطقة ميسان ليحظى ببرهما والإحسان إليهما، ولعل هذا العمل يكون خاتمة خير لحياته وطريقاً إلى مغفرة ورحمة رب العباد وفسيح جناته، وإن كانا نحسن الظن بالمولى عز وجل كون فقيدنا في مقتبل وريعان شبابه فكل ما نرجوه من اللطيف الخبير المعطي الوهاب أن يتقبله بقبول حسن ويحسن عاقبته وألا يحرمه من أجر الدنيا ونعيم الآخرة.
هنيئاً له قد طاب حياً وميتاً
فما كان محتاجاً لتطييب اكفاني
لقد هالني وحز في نفسي وأبكاني وزادني ألماً منظر أخوته ووالده وهم ينزلونه إلى قبره ويهيلون عليه التراب وهو يتابع ذلك المنظر بقلب منفطر ونظرات واجمة ودموع حرى ملؤها الحزن والأسى ولوعة الفراق فما أصعبها من لحظات وأقساها على النفس، وهذه سنة الله في خلقه، وهذا هو حال يوم الوداع الأخير للأحياء ورحيلهم في رحلة خلودهم الأبدي إلى يوم البعث والحساب.
يوم الوداع وهل أبقيت في خلدي
إلا الأسى في حنايا القلب يستعر
ولاشك أن فقد الأحبة من أغلى الأقارب والأصدقاء والأصحاب له وقعه وأثره في نفس المفجوع بهذا الفقد ويظل اوار الحزن يعتلج داخل أضلاعه زمناً طويلاً ويصعب محوه ونسيانه بسهولة إلا أن الصبر والاحتساب للخلاق ومنشئ الأكوان عز وجل والدعاء للفقيد بالرحمة والمغفرة الذي لا ينقطع كلما جال بالخاطر ذكره وذكراه هي الأبقى والأنفع للحي والميت.
وقل من جد في أمر يحاوله
واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
ولا أملك إزاء هذا المصاب الجلل إلا أن أقدم أحر التعازي وصادق المواساة لوالد الفقيد أخي فهد بن عايد العمراني الحارثي وأولاده وائل ويزيد ويزن ووالدتهم الكريمة وأعمام الفقيد متعب وعبدالرحمن وماجد ومحمد ونواف وأخواتهم ولذوي أسرة البرقاء خاصة ولقبيلة العمارين بني الحارث عامة.
إلى جنة الفردوس والعفو والرضى
وفي رحمة الرحمن أصبحت ثاويا
وتغمد الله فقيدنا بواسع رحمته ومغفرته وتغمد كل من سبقنا إلى مراقد الراحلين من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات بعفوه وكريم لطفه ورحماته.. و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
- مشعل عيضه الحارثي