توفي يوم الأحد الخامس عشر من شهر ذي الحجة الموافق الخامس والعشرين من شهر يوليو الفائت عميد أسرة آل ثنيان الشيخ ثنيان بن فهد الثنيان - رحمه الله وتغمده بواسع فضله وكرمه وإحسانه.
كان نبيلاً من نبلاء المملكة ووجيهاً من وجهائها. عرفته -رحمه الله- قبل ما يقرب من خمسة وثلاثين عاماً فأحببته وأحبني وتوطدت علاقتنا رغم تقصيري في صلته -رحمه الله. كان في مقام والدي وكانت تجمعني به قرابتان عامة وخاصة، وكنت أرى فيه أنموذجاً حيّاً لنبلاء العرب، فقد جمع الشهامة والنخوة والكرم وعلو الهمة والأصالة الحقة في كل شيء.
كان -رحمه الله- من رجالات المملكة الكبار، وبقية من بقايا جيل مرحلة التأسيس. وكان على صلة وثيقة بكبار الأسرة المالكة وبالأخص الملك فهد -رحمه الله- وأشقائه وشقيقاته. كان مقرباً من الملك سلمان، وكان من أكثر من عرفت جرأة في حضوره. وعلى خلاف كثير من أقرانه كانت له اهتمامات عالية بالأدب والأدباء الذين قل أن تخلو مجالسه منهم. اهتم بالكتب والمكتبات وأظن أن مكتبته الخاصة من أكبر المكتبات الخاصة في المملكة.
كان وطنياً من الطراز الرفيع، حمل هموم الوطن وتفاعل مع قضاياه، وكانت له نظرات ثاقبة في كثير من المسائل العامة. كان صريحاً لا تأخذه في الحق لومة لائم، وكان صاحب غيرة على الدين والوطن والعلم والعلماء. كان يرى أن عزّ المملكة مقرون بتمسكها بالإسلام والدعوة المباركة التي قامت على أساسها، وكان يؤمن بأن لا تعارض على الإطلاق بين التمسك بالتقاليد والأعراف النقية وبين مواكبة العصر ومستجداته في جميع المجالات.
كان كريماً في كل شيء، وكان منهلاً عذباً للواردين من داخل المملكة وخارجها. أحب العلماء والكتاب والمثقفين وكان صديقاً مقرباً لكثير منهم. كانت سعادته في استضافة محبيه وما أكثرهم، وكان مجلسه أشبه بالمنتدى الثقافي والأدبي -رحمه الله.
أسهم في تأسيس عدد من كبريات الشركات في المملكة منها على سبيل المثال شركة الجبس الأهلية وشركة الغاز والتصنيع الأهلية وشركة كهرباء الرياض بالإضافة إلى مشاركته في إنشاء مؤسسة اليمامة الصحفية، ولكن كل تلك الأعمال والارتباطات لم تشغله عن الثقافة والأدب ولا مجالسة الأدباء والمثقفين.
برحيله -رحمه الله- تودع المملكة وجيهاً من وجهائها ونبيلاً من نبلائها، فأحسن الله عزاءنا جميعاً فيه ورحمه رحمة واسعة وأنزله منازل الصديقين والشهداء والصالحين، وجمعنا به في جناته، وجبر الله مصاب ابنه الأكبر الأخ العزيز فهد بن ثنيان الثنيان وأحسن عزاءه ووضع فيه البركة ولا حرمه أجر بره بوالديه، وأحسن عزاء جميع أسرة الثنيان الكريمة، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
- أحمد التويجري