د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
الرؤية السعودية تمضي نحو الهدف من أجل تحقيق نحو تريليون ريال إيرادات نفطية بحلول 2030 كحد أدنى، وقد يتحقق هذا الهدف قبل موعده، بسبب أن الدولة تتجه نحو تعزيز القطاع غير النفطي عبر خطة لإنفاق تريليونات الدولارات، وكان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في تصريح له قال: إن صندوق الاستثمارات العامة المدعوم من الحكومة سيضخ ما لا يقل عن 150 مليار ريال في الاقتصاد المحلي كل عام حتى 2025 .
كانت العائدات غير النفطية عام 2008 نحو 80 مليار ريال وصلت إلى 340 مليار ريال في 2019 قبل الجائحة التي ضربت العالم، ارتفعت العوائد غير النفطية في النصف الأول من 2021 نحو 204.14 مليار ريال بنمو 101 في المائة عن عام 2020، وبذلك شكلت الإيرادات غير النفطية نحو 54.9 في المائة من إجمالي الإيرادات بعد أن كانت نسبة الإيرادات النفطية المتذبذبة نحو 93 في المائة عام 2011 إلى نحو 63 في المائة عام 2017 .يعود هذا النمو الكبير في الإيرادات غير النفطية إلى الإجراءات التحفيزية التي اتخذتها السعودية خلال عام 2020 لدعم القطاع الخاص في مواجهة كورونا التي شملت بعض الإعفاءات والتأجيل في سداد الرسوم والضرائب، كما يعكس ذلك نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي في رؤية السعودية 2030 في تنويع مصادر الدخل بعيداً عن الاعتماد بشكل مباشر على إيرادات النفط.
وخصوصا أن السعودية تمتلك إمكانات كامنة في القطاعات الاقتصادية غير النفطية، إذ تأتي بعد روسيا والولايات المتحدة من حيث الموارد الطبيعية والتي تقدَّر بنحو 35 تريليون دولار أمريكي، ما أدى إلى رفع نمو الإنتاجية الذي كان نحو 0.8 في المائة بين 2003 - 2013 إلى نحو 1.8 في المائة عام 2019 ارتفع عام 2020 رغم جائحة كورونا إلى 2.1 في المائة.
ما جعل السعودية تحصل على المركز 26 عالمياً في معيار التنافسية العالمي بحسب تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2019 الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية والذي يقيس تنافسية 140 دولة على مستوى العالم بالاعتماد على قدرة الدولة في الاستفادة من مصادرها المحلية، تقدمت إلى المركز الـ24 في 2020 مقارنة بالمركز الـ39 عام 2018، رغم الظروف الاقتصادية الناتجة عن آثار جائحة كورونا، حيث تعد الدولة الوحيدة التي أحرزت تقدماً استثنائياً على مستوى الشرق الأوسط والخليج العربي متفوِّقة على دول ذوات اقتصادات متقدِّمة في العالم مثل روسيا، فرنسا، اليابان، إيطاليا، الهند، الأرجنتين، إندونيسيا، المكسيك، البرازيل، تركيا.
ما جعل بنك الاستثمار الأميركي غولدمان ساكس يرفع توقعاته لنمو اقتصاد السعودية في 2022 إلى 7 في المائة من 5.7 في المائة، بل رفع توقعاته بشأن إنتاج النفط السعودي والنمو الاقتصادي مع ارتفاع أسعار النفط الخام لما يزيد عن 70 دولاراً للبرميل الذي سيكون داعماً لتحقيق رؤية المملكة في تنويع مصادر الدخل، وليس في مواصلة الاعتماد الكلي على إيرادات النفط، لكنه يقلل عجز الميزانية ويسرع في انطلاق الرؤية.
حيث بلغ العجز 12 مليار ريال للنصف الأول من 2021 فيما سجّلت الإيرادات في الربع الثاني نمواً بنسبة 85 في المائة على أساس سنوي، وبلغ إجمالي الدين 9228 مليار ريال يبلغ منه الدين الداخلي 53527 مليار ريال، فيما تمتلك السعودية أصول تقدَّر بنحو 1.7 تريليون ريال بنهاية مارس 2021، ورفع البنك توقعاته للنمو للناتج المحلي الإجمالي إلى 4.5 لعام 2021 مقارنة مع 2.5 للأعوام السابقة.
وعلى مستوى سوق العمل عزَّزت الرؤية ارتفاع مشاركة المرأة من 19.4 في المائة عام 2017 إلى 33.2 في المائة عام 2020، بجانب تطوير القوانين التي تحمي وتعزِّز حقوقها على المستويات الشخصية والمهنية، كما أن معدلات الاستثمارات الأجنبية انخفضت بمقدار 58 في المائة منذ عام 2015 إلا أنها سجلت نمو بنسبة 331 في المائة قبل إطلاق الرؤية، وانضمام السوق المالية ( تداول) إلى مؤشري السواق الناشئة سهل على المستثمرين الأجانب الاستثمار في السعودية، حيث ارتفعت ملكياتهم بنسبة 195.9 في المائة في السوق، لتصل إلى 208.3 مليار ريال بنهاية 2020، أسهمت تلك الإصلاحات في جعل تداول إحدى أكبر 10 أسواق مالية حول العالم.
أنفقت الدولة على الصحة بنسبة 20 في المائة في النصف الأول من عام 2021 نجحت الدولة في تسهيل الحصول على الخدمات الصحية بنسبة تتجاوز 87 في المائة مقارنة 36 في المائة قبل خمس سنوات، كما ارتفعت نسبة تملك المساكن لتصل إلى 60 في المائة مقارنة بنسبة 47 في المائة قبل خمس سنوات، بجانب أنه أصبح الحصول على الدعم السكني بشكل فوري، بعدما كان الحصول عليه يستمر لأكثر من 15 سنة قبل إطلاق الرؤية.
** **
- أستاذ بجامعة أم القرى بمكة