عمر إبراهيم الرشيد
لا يرتكب إنسان جريمة ما وهو في وضع نفسي سوي، وبالطبع لا يعني هذا اللين معه في العقوبة عند محاكمته، كما يعمل به النظام القضائي الغربي، والذي يعتمد على حفنة (محلفين) ومهارة المحامي في سوق الحجج والأعذار للتخفيف من الحكم الذي لا يقر القصاص من القاتل أصلاً، بحجة أنه يكفي خسارة الضحية ولا داعي لخسارة القاتل بإعدامه!. ومن فروع علم النفس الذي يدرسه القضاة والمحامون وضباط التحقيق ومشرعو القوانين (علم نفس الجريمة) والذي يهتم بالدوافع النفسية لارتكاب الجريمة والسمات التي يشترك فيها المجرمون من خصائص نفسية وحتى جسمانية، وغير ذلك مما يعين على دراسة الجريمة على أسس علمية تعين في خفض نسبتها ومكافحتها وعلى حل ألغاز الجرائم المستعصية.
قبل أيام تناقلت وسائل التواصل جريمتين حدثتا في مجتمعنا هما غاية في الوحشية عياذاً بالله من اغواء ابليس، ومرتكبوها هم ممن لعبت بنفوسهم الأمراض الأخلاقية، أو كانت لديهم علل نفسية مما يمكن علاجها لو قدر الله تعالى وكان لديهم أو لدى ذويهم الوعي الكافي للذهاب للطبيب النفسي للحصول على العلاج اللازم. أو هم ممن لعبت بعقولهم المخدرات على اختلاف أصنافها، وأسوق هذه المسببات لأن التحقيق مازال جارياً في تلكما القضيتين ولم ينته بعد، وهي أسباب عامة لابد لأي مجرم أن يتشح بأحدها ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وبعض الأسر تبتلى بمن يتزوج منهم ممن لا يعلمون عن علة نفسية يشتكي منها، ولا يدركون ذلك إلا بعد ارتباط ابنتهم بذلك الزوج، أو العكس بالطبع، والرجل والمرأة سواء في التكليف شرعاً وكذلك في شئون الحياة كلها. ولا جدال أن التأني والاستقصاء عمن يروم النسب، أو عن الفتاة التي ينوي الشاب الارتباط بها ومن ذلك الصحة النفسية وهي أهم وأولى من الجسدية، لاشك أن ذلك مما يجنب الأسر وهي نسيج المجتمع، المآسي كتلك الجرائم التي يشيب لها الرأس. ولا جدال أن البطالة داء صامت إذا ما أهمل علاجها فستؤدي إلى عواقب وخيمة، وإن تعزيز أنسنة المدن وحتى القرى ومراعاة صحة البيئة بدءاً بالأحياء هي من أنجع الوسائل الوقائية لحماية المجتمع نفسياً وصحياً وإنسانياً، إلى اللقاء.