عثمان بن حمد أباالخيل
في تفاصيل حياة الإنسان هناك خطوط حمراء حيث يضع حدودًا في تدخل الآخرين في شؤونه الخاصة، وهناك ضوء أخضر يعطيه لمن يراه في التدخل في حياته. اللونان نقيضان في تفاصيل حياتنا لكنهما جزء من واقعنا. اللون الأحمر يعطي لمن يتجاوز حدود الاحترام ولمن يمس كرامة الآخر ولاعب كرة القدم حين يعطى كرت أحمر لتعمده الخشونة وقائد السيارة حين يتجاوز الإشارة الضوئية الحمراء. الخط الأحمر تعبير سياسي وهو خط وهمي وهو تحذير بعدم تجاوزه وإلا اعتبر ذلك بمثابة استفزاز يستدعي الرد وقد بدئ استخدامه في عام 1962 ميلادية. من الطبيعي أنّ الخط الأحمر ليس شيئاً مادياً لكن استفزازياً حين يتم يتجاوزه. مئات الألوف ربما ملايين البشر يضعون خطوط حمراء في حياتهم المهم ألا يحركوا تلك الخطوط إلى الوراء.
من أقوال الشاعر احمد شوقي (ما أَوْلَعُ النّاس بالنّاس، يشتَغلُ أحدُهُم بشُؤونِ أخِيه، وفي أيسَرِ شأنِهِ ما يُلْهِيه).
مصطلح الخط الأحمر لمْ يعد مستخدماً في السياسة بل أصبح جزءًا من تفاصيل حياة الإنسان الاجتماعية بطريقة مباشرة أو طرق غير مباشرة. فعلى سبيل المثال الأم في البيت تستعمله في وجه أبنائها وترسم لهم خطوطاً حمراء يجب ألا يتعدوها، الزوج الفوضوي يضع خطوطاً حمراء في وجه زوجته، المعلم مع الطلاب يضع خطوطاً حمراء كذلك المعلمة، الصديق مع صديقة هناك خطوط حمراء بينهما، عموماً الخطوط الحمراء عند الإنسان هي خطوط تمنع تدخل الآخرين في خصوصيات حياته الشخصية وتلك الأسئلة العابرة للقارات التي تؤدي إلى الاستفزاز وردة الفعل غير المتوقعة حين يتجاوز الإنسان الخط الأحمر المرسوم عند الطرف الآخر. للأسف هناك من يتسرع في وضع الخط أو الخطوط الحمراء في حياته وبالتالي يبدأ في التنازل وإزاحة الخط الأحمر إلى الوراء إلى مكانه الصحيح.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وقَالَ: حَسَنٌ. إنه الضروري أن يلتزم كل شخص بحدود العلاقة التي وضعها الآخرون، وتجنب تخطيها، وتجنب التدخل في شؤون أي شخص مهما كان واحترام خصوصياته وحين ترى الضوء الأخضر هنا يحق لك التدخّل أما غير ذلك فهو تجاوز الخط الأحمر. للأسف التدخل في شؤون الآخرين عادة سلبية يتصف بها بعض الناس خصوصاً النساء التي تنشر شؤون الآخرين في وسائل التواصل الاجتماعي. ومن الطبيعي: (من تدخل فيما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه) من ردة الفعل التي لا يعلمها إلا الله.
احترام الخطوط الحمراء للإنسان الذي يقع في دائرة حياتك يجنبك الكثير من المتاعب والمشاكل. في حياتنا الاجتماعية هناك خطوط حمراء يجب على الجميع عدم تجاوزها بأي حال من الأحوال ألا وهي أحكام الدين ديننا الإسلامي. الانشغال بخصوصيات الناس ليست من شيم الإنسان المسلم (فمن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه).