إيمان الدبيّان
منه يتكون وبه يُؤثِّر ويتأثر، إنه المجتمع فلا مجتمع بلا فرد ولا فرد بلا مجتمع، كلاهما له دور في الآخر، كلاهما مُحْكَم بقوانين وأنظمة سماوية، أو إنسانية إن اختل أحدهما انهار الآخر.
تحيط بالفرد مجموعة من الثقافات الفكرية، والاجتماعية، والدينية، قد تكون ثقافات نافعة، وربما ضارة، هذه الثقافات الفردية بنوعيها تصنع النسيج المجتمعي، وقد تُضعف أو تَقوى، تُنسخ أو تَبقى حسب الأفراد والمجتمع والقوانين؛ لذا نسمع، ونعيش، ونتعايش، ونشاهد في الآونة الأخيرة بعضاً من التصرفات الاجتماعية المرفوضة دينا، وعرفا، وقانونا، ومنها: وقوع بعض الأزواج في جرائم قتل مُنكرة تجاه زوجاتهم، مما جعل المجتمع يتعاطف، ويغضب، ويطرح، ويناشد ببعض مقترحات يرى أن عدم تطبيقها كانت سبباً في وقوع جرائم القتل، فبدؤوا يطالبون بفحوصات مخبرية تتعلق بالمخدرات للرجل المقبل على الزواج، وآخرون يطالبون برؤية شرعية متكررة، وأغلبهم تمسك بعبارات ومقولات شعبوية بالية (زوجوه عشان يعقل) فرأوا أن هذه المقولة هي سبب وقوع هذه الجريمة من الزوج تجاه زوجته؛ لأنه حسب رأيهم غير مؤهل للزواج عقليا؛ ولكن أهله دفعوه للارتباط على أمل تحقق العقلانية بعده، وحسب ما أرى أن هذا غير صحيح، فكل هذه الأسباب، والدوافع غير صحيحة، وغير منطقية إلى حد ما، فالسبب الأول والأخير هو في عدم الوعي لدى الفتاة والشاب وقلة الثفافة الأسرية وانعدام الثقافة العاطفية لدى كثير من الأسر وخاصة الأسر الانزوائية.
ما الوعي والثقافة اللتان يفتقدهما الشباب ذكورا وأناثا؟!
أهمها وأولها ثقافة ووعي الاختيار، كيف يكون، وما هي أسسه ولماذا فلان أو فلانة وليس أحدا آخر؟! وهل هذا الاختيار مرتبط بمصالح وأهداف؟! فإن كان مبنياً على هدف، أو مصلحة فعلى هذا الارتباط السلام، فبعض الفتيات لا تبني اختيارها إلا على مستواه المادي، وكم ستكسب، وماذا سيدفع، وبم سيُهدِي فباعت نفسها مقابل ما ستستلم عاجلاً أو آجلاً، فأيّ رخص مبطن هذا وصلت إليه بعض النساء؟!!
أرى أن هذه جريمة قتل للرجل أبشع، وأقسى وأقذر من جريمة القتل الحقيقية.
بعض النساء تقتل أنفساً وليس قتل الزوج فقط بأنانيتها، بإهمالها، بتضييع أطفالها، بانحرافهم، بانغماسهم في ممنوعات وغيرها فهي قتلت أسرة كاملة بطريقة غير مباشرة.
بعض الأهل لا يهتمون كثيراً بالتحري عن الزوج، بقدر ما يهتمون باسم عائلته؛ ليرضوا غرورهم وتباهيهم الاجتماعي، ثم إذا وقعت بعض القضايا والحوادث ألقوا باللوم على الغير.
كثير من الأسر وإن كانوا بدأوا يتناقصون يصرون على عدم مقابلة الخطيب لخطيبته على انفراد في أماكن عامة؛ مما يقلل فرص التعرف والاستكشاف لكثير من طبائع وتصرفات الشخصيتين فليس كل عادة سيئة أو خلل يكتشف بالتحاليل الطبية؛ لأنها عادات إنسانية تقود إلى المعرفة والإحساس والثقة.
حتى تعالج مثل هذه القضايا الاجتماعية التي لها أهلها ومختصوها، لا بد من الوقوف على الأسباب والدوافع والأدوات والفاعلين والمفعول بهم فليست كل الجرائم يقوم بها الزوج، فكم من جريمة قتل قامت بها الزوجات فلماذا لم يطالب بعمل فحوصات نفسية وعقلية وجسدية أكثر دقة للمرأة؟! أكرر مقولتي الدائمة في العلاقات الأسرية (الحقوق لا تتجزأ) كم من زوج قُتل على يد زوجته، وكم من طفل أزهقت روحه على يد امرأة ؛ لذا الوعي والثقافة النفسية والجنسية والاجتماعية والدينية مطلب قبل أي شيء آخر لكل فتاة وشاب مقبلين على الزواج حتى لا تقع جرائم نفس أو مال أو دين تضاف إلى جرائم سابقة قليلة وليست ظاهرة أو كثيرة فأفراد مجتمعنا بحمدالله يحكم معظمه الخوف من الله أولاً، والحرص على المبادئ والقيم الإنسانية ثانياً.