حمّاد بن حامد السالمي
* تكلمت في مقالي يوم الأحد الفارط؛ على الخذلان الذي منيت وتُمنى به جماعة الإخوان المفلسين على أكثر من صعيد. المقال: (https://www.al-jazirah.com/2021/20210808/ar2.htm)، ومثّل شيطان الإخوان في سياق المقال؛ محورًا لعدد من التعليقات على المقال في كل من: (التويتر، والفيسبوك، والواتس أب)؛ فذهب بعضهم؛ إلى التدليل على فساد فكر الإخوان؛ بعلاقاتهم الوطيدة مع الفرس والخمينيين على وجه خاص، فهناك عُرى وثيقة بين الإخوان وإيران منذ بدايات ظهور جماعة الإخوان؛ بما جمع ووفّق بين: (حسن البنا، وتقي القمي، وآية الله كاشاني، ونواب صفوي، وآية الله الخميني)؛ أبطال غزو الشيعة الإيرانيين والمتأرننين للعالم السني، وهي علاقات قال عنها الدكتور (ثروت الخرباوي)- العضو القيادي السابق في الجماعة- بأنها سرية، (لا يعرف عنها الكثيرون شيئاً، إلا قيادات الإخوان أنفسهم وليس قاعدة الجماعة)، مشيراً إلى أن: (حسن البنا؛ اقترب من الشيعة بشكل كبير، وهو ما أثار غضبة علماء السنة، حتى أنّ أقرب المقربين منه؛ اتهموه بخيانة عقيدته مقابل دراهم معدودة). ويقول كذلك الخرباوي صاحب كتاب: (سر المعبد)؛ الذي كشف الكثير من الأسرار: (إنّ ثلاثينيات القرن الماضي، وتحديداً في 1938 م؛ شهدت زيارة سيد روح الله مصطفى الموسوي الخميني، الذي أصبح فيما بعد الإمام آية الله الخميني، مفجر الثورة الإيرانية، مقر جماعة الإخوان في مصر، حيث عقد لقاءً خاصًّا مع المرشد الأول للجماعة حسن البنا).
* ومن الدلائل الصارخة على خيانة الإخوان للعرب والسنة؛ أن علي أكبر ولايتي، وزير الخارجية الإيراني الأسبق، والمستشار الأعلى للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي، أكد في ندوة عن: (الحوزة الدينية والصحوة الإسلامية)، عقدت في مدينة مشهد الإيرانية قال: (إنّ الإخوان المسلمين هم الأقرب إلى طهران بين كافة المجموعات الإسلامية). ونتذكر في هذا السياق أن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد زار مصر بدعوة من الهالك محمد مرسي، للمشاركة في مؤتمر إسلامي، وخطب في جامع الأزهر الشريف، وهو ما يعد في نظر قيادي إخواني تائب هو (ثروت الخرباوي) دليلاً آخر على قوة العلاقة بين الجانبين، ومن ذلك زيارة مرسي لطهران سنة 2012 م، للمشاركة في مؤتمر: (دول عدم الانحياز)، كأول رئيس مصري يزورها بعد 34 عامًا، ما يؤكد وبكل قوة الصلة الوثيقة بين الطرفين. بعد ذلك نقف على رأي لراشد الغنوشي زعيم جماعة النهضة في تونس، وهو يُنظِّر لمفهوم: (الإسلام الشامل)، يقول في كتاب (الحركة الإسلامية والتحديث): إنّ المفهوم يستهدف: (إقامة المجتمع المسلم والدولة الإسلامية على أساس ذلك التصور الشامل، وهذا المفهوم ينطبق على ثلاثة اتجاهات كبرى: الإخوان المسلمون، والجماعات الإسلامية بباكستان، وحركة الإمام الخميني في إيران). ويتفق مع هذا الطرح ما قدمه الزعيم الإخواني اللبناني، والأمين العام السابق للجماعة الإسلامية في لبنان، (فتحي يكن)، عندما ذكر بأن مدارس الصحوة الإسلامية تنحصر في ثلاث: (مدرسة حسن البنا، ومدرسة سيد قطب، ومدرسة الإمام الخميني). قال: الصحوة الإسلامية..! انتبهوا يا أيها (الصحاينة) في كل مكان.
* أضيف إلى ما تقدم من تلخيص ما أهدي إلي من ملاحظات وتنبيهات على المقال، ما تفضل به الصديق الدكتور (عمر بن عوض المشعبي)، الذي كتب ونشر معقبًا على المقال وهو يقول: (حبيبنا أبا أكرم، إن الإخوان المسلمين هم من أقوى التنظيمات الفكرية الدينية الراسخة في عقول وقلوب منتسبي هذا التنظيم، والمؤمنين بتوجهه. تنظيم لا شك أنه قوي إداريًا، ولكنه فاشل سياسيًا بسبب قلة الخبرة، والتسرع في محاولة الإمساك بزمام جميع الأمور. أي أنهم أصحاب نَفَس قصير في الإدارة السياسية. وهذا ما أفشل تجربتهم المصرية، وما تسبب في إسقاط أحجار الدومينو الإخوانية في الدول الأخرى، وفي التنظيمات المرادفة، فالتجربة المصرية كانت ناجحة في بداياتها. ووجدت تأييدًا من غالبية الشعب المصري. فهم قالوا إنهم سيستخدمون أسلوب المراقبة الصارمة لأمور الدولة والمجتمع، والتي ستدار من قبل المسؤولين المدنيين غير الإخوان، ومراقبة وعقاب كل مقصر وفاسد، ولو استمروا على هذه السياسة لنجحوا، وآمن بإدارتهم المجتمع المصري كله، ومن ثم بقية المجتمعات العربية الأخرى، ولكنهم تسرعوا، وطغت عليهم شهوة الحكم، فأداروا الدولة بكل مؤسساتها وإداراتها بطريقة انتقامية استغلالية شرهة، ففشلوا وفقدوا ثقة الشعب والجيش، فأزيحوا، وبدؤوا يتخبطون هنا وهناك، ومن فشل إلى فشل، وآخر فشل كان ما حدث ويحدث في تونس).
* ثم يقول: (مصيبة الإخوان رأيتها في السعودية عندما تعاملت مع بعضهم في العمل، فهم متمكنون متقنون مؤدبون، يجبرون من يتعامل معهم على احترامهم، ومن ثم تبني أفكارهم. ومن خلال زيارتي الحالية لمصر رأيت مقدرتهم على البيات الشتوي لفترة طويلة جدًا، وذلك بمعرفة الأفراد للهيكل التنظيمي وأعضائه السريين التابعين للتنظيم، الذين يأخذون تعاليمهم منهم، وللأنشطة والمحلات التابعة لكل فرد منهم، التي يدعمون بعضهم البعض بها من أجل البقاء، حتى أنني شاهدت ذلك في أحد مطاعم الكبدة الجملي الصغيرة، المنتشرة في منطقة كرداسة الشهيرة، والذي يبدو أن صاحبه منهم، شاهدت أن غالبية رواد ذلك المطعم يبدو من هيئتهم أنهم من الإخوان. فهل تخلى الشيطان عنهم؛ ووجد فئة أخرى مستحدثة؛ بدأ يديرها..؟ أم تركها ليستغلها بعد فترة من الزمن؛ قد تطول أو تقصر حسب الحاجة..؟!).
* قلت بعد كل الذي تقدم: ما أشطن شيطان الإخوان..! يبدو أنه شيطان فعلًا، عصي حتى على الإخوان أنفسهم..!