بريدة - خاص بـ«الجزيرة»:
نبَّه أكاديمي متخصص في الشأن الاجتماعي والأسري إلى خطورة التهاون بالطلاق، وترديد بعض النساء كلمة «طلقني»، عند كل مشكلة بسيطة مع الأزواج، ولا يعرفن عواقبها، ومعتقدات أنها طوق نجاة من مشاكل الحياة، وأنها حبْلُ خلاص من أكدار الدنيا وهي عكس ذلك، وتنطق هذه الكلمة من المرأة المسكينة لسبب أو دون سبب وعند توافه الأمور على غير وعي، وتتفوَّه بها بعض النساء على غير هُدى عند المناقشات الزوجية.
وقال الدكتور عبدالعزيز بن حمود المشيقح أستاذ علم الاجتماع بجامعة القصيم أن «طلقني» كلمة قبيحة بدأت تظهر في السطح لترفع معدلات نسب الطلاق في مجتمعنا وكاسرةً لب فؤاده الأسري ومشتتاً شملهم، وأن هذه المعضلة تعتقد فيها بعض النساء أن ترديدها لهذه الكلمة، ما هو إلا استثارة للزوج وقهره والتكبر عليه ليستشعر أنها لا تريده فيزيد من التمسك فيها وهذا غير صحيح، مؤكداً أن طلقني هي شرارة الصراع وخراب البيوت بل خراب على المرأة نفسها في حياتها ومستقبلها، وقد قال العوام سابقاً (العزامات الندامات).
وحذَّر الدكتور عبدالعزيز المشيقح من ترديد تلك الكلمة عند كل مشكلة سيرفع من قيمتك أو مكانتك عند زوجك بل هذا ما يقلل قدرك ومقامك واحترامك، وأن «طلقني» علاجها قراءة نتائج الطلاق السلبية وعواقبه الوخيمة ومآسي المطلقات دون سبب عندها سيتوقف لسانك عن التفوّه بها، وكم من واحدة طُلقت فعلاً بسببها ثم أحست بعدها بحسرة الطلاق في المقام الأول، خاصةً إذا لم يكن لها عائل غير الزوج، أو مصدر رزق آخر، ولا شك أن ضررها واقع على الأولاد في المقام الأول إن تم الطلاق بسبب بعدهم عن حنان الأم إن كانوا مع الأب، وفقدهم للرعاية والإشراف من قبل الأب إن كانوا مع الأم، مشيراً إلى أن «طلقني» تدخل المرأة في قائمة ممن ذكرهنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: (لو أحسنتَ إلى إحداهن الدهرَ ثم رأتْ منك شيئًا، قالت: ما رأيتُ منكَ خيرًا قط) متفق عليه، و»طلقني» عكس النكاح الذي أنعم الله تعالى وامتنَّ به على عِبادِه قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وجعل بينكم مودة ورحمة)، وهي ضد النكاح الذي يعد أقوى الرَّوابط والعلاقات الاجتماعيَّة، وسمَّاه الله تعالى مِيثاقًا غليظًا: (وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا)، مسترشداً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة سألت الطلاق من غير ما بأس لم ترح رائحة الجنة).. نسأل الله العافية.
وأوضح الدكتور المشيقح أن «طلقني» مقبولة إذا كان هناك علة مثل كون الزوج كثير المعاصي والشرور لأنه سكير، أو يتعاطى المخدرات أو يتهاون بالصلاة مع الجماعة أو لا يصلي، أو لأنه يظلمك ويؤذيك بالضرب بغير حق، أو ما أشبه ذلك، فهنا يوجد لك العذر بل سيسعى الناس معك لفسخ النكاح من قبل المحكمة حماية لك، وأن التسرع في كلمة «طلقني» نهايتها تلاعب الناس بك وبمستقبل حياتك خاصة من تمر بهم قضيتك من مستشار أو محام وربما غيرهم ممن يتولون قضيتك، وأنه لمن المؤسف أن هذا التصرف لا تدعمها وتؤيدها من النساء إلا شبيهة الثعلب الذي قطع ذيله فأراد أن يقطع ذيول أصحابه بتزيين قطع ذيولهم، فاحذري ممن تنصحك بطلب الطلاق بحجة أنك ستكونين حرة نفسك.
حمى الله نساءنا وبناتنا ونساء المسلمين من التفوه بها، وهداهن إلى كل خير وفضيلة، وأعاذهن بمنِّه وكرمه من كل شر ورذيلة،، والله الهادي إلى سواء السبيل.