سهوب بغدادي
إنه عنوان صادم ومخيب للآمال جزئياً، لأحد مؤلفات الكاتب والفيلسوف البريطاني آلان دو بوتان. باعتبار أننا نعي أن المسألة لا تخلو من نظرية الاحتمالات وجزء ومن الحظ، زائد قدر كاف من الرغبة والعزيمة للتطوير والتغاضي، في حين نتساءل عن الشخص الصحيح أو المناسب للزواج، يجدر بنا أن نسأل أنفسنا بداية: هل أنا الشخص الصحيح والمناسب؟ فكل شيء ينطلق من الداخل لا الخارج، ولن يصلح فساد الداخل أمر خارجي. إن ما دفعني لكتابة هذا المقال واستثار مشاعري لطرحه للمرة الثانية هو ما حدث خلال الأيام الماضية والمتمثل في الجريمة النكراء عندما أقدم الزوج على قتل زوجته روان الغامدي رحمها الله وعوضها ما فاتها من شبابها. إن للقضية أبعاد كثيرة ومتشعبة تخرج عن شخص خاطئ، بل إنه وضع خاطئ بالكلية، ويقع الخطأ على عاتق الأهل أيضاً لما لهم من دور لا غنى عنه في الإرشاد والنصح والخبرة في الناس، فكم استغرق الوقت للسؤال عن الخاطب (القاتل)؟ شهرا أم شهرين؟ وهل علم عنه الصلاح؟ أم أننا ما زلنا نتشبث بمفهوم «زوجوه يعقل» ! ما حدث لروان شنيع بشتى المقايس، ويجب أن يكون رسالة للأهالي أولا لأننا لانزال في بيئة تعتمد زواج الأقارب والصالونات والخطابات والطرق التقليدية. من ثم أخذ رسالة موجهة للفتيات المقبلات على الزواج بالبحث عما يطلق عليه Red flags أي العلامات الخطرة والتي لا يمكن تجاهلها، بالاستماع إلى الصوت الداخلي اللذي يمليه عليك الداخل، فلا يأتي هذا الشعور في العادة بشكل اعتباطي، بل هو نتيجة الخبرات والتجارب التراكمية على مر الزمان عبر تداخل أشخاص ومواقع جمعتنا بهم. كما يسعني من هذا الموطن أن أشدد على دور الكيانات الفاعلة في المجتمع السعودي بنشر التوعية وتفعيل مبدأ التثقيف للفئات المعنية وتأهليهم بمجرد دخولهم في مرحلة عمرية معينة، مع عدم غياب الدور الفعال لوزارتي العدل، ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، من هنا تتضح المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق وزارة الموارد البشرية من ملفات ساخنة كالتوطين والبطالة وما إلى ذلك، فمن الأجدى برأيي أن تستقل عن أعمال وزارة التنمية الاجتماعية وأن تصبح لدينا وزارة مستقلة للشؤون والتنمية الاجتماعية لتتشعب في أعمالها المجتمعية بشكل أكثر فاعلية على المدى القريب والبعيد.
وفي خضم الحديث عن قضية المغدورة روان غفر الله لها، شدني الهجوم على الكاتب القدير الأستاذ عبده خال بسبب تعليقه على القضية واقتراح عدم عقد النكاح إلا بعد تعدد النظرة الشرعية بين الطرفين، وأن تكون كل نظرة ساعتين، في حضور أب وأم العروس، وبعدها إن رضي الطرفان تم استكمال الزواج بينهما، وإن اكتشف الطرفان عدم صلاحية كل منهما للآخر يقف المشروع كاملاً. إنه كلام سليم فالزواج شركة بل أهم شركة وشراكة يتعرض لها الشخص في حياته، فإن صلحت صلح حاله وإن هدمت كان العودة ولملمة الأشلاء مهمة غير سهلة. ومن هذا النسق، نجد أن هنالك حاجة ملحة في يومنا الحالي أن يجري المقدمين على الزواج اختبارات عديدة، من أهمها فحص المخدرات والإدمان، علاوة على تقييم للصحة النفسية بشكل عام فهناك العديد من اضطرابات الشخصية التي تصيب الشخص دون علمه وعلم المقربين له، فما المانع من تسهيل الحياة وجعلها أكثر جودة؟