د. محمد عبدالله الخازم
تشرف وزارة التنمية البشرية والاجتماعية على تأسيس وخدمة منظمات القطاع الثالث الممثلة في الجمعيات الخيرية والتعاونية بشكل رئيس، وفي تعريف تلك المنظمات «هي منظمات مستقلة» كما أنه ضمن رؤية 2030 دعم القطاع غير الربحي وزيادة محتواه المحلي بشكل كبير. هي مهمة تلك المنظمات أو الجمعيات البحث عن موارد مختلفة وانتهاج نشاط تسويقي وترويجي يساهم في دعم أعضائها وزيادة مواردها المختلفة، وهناك حث دائم لجميع القطاعات الحكومية بدعم المنظمات غير الربحية بمختلف الطرق الممكنة، سواء الدعم المباشر أو غير المباشر، الدعم المادي أو (اللوجستي)، الدعم المعنوي من بعيد أو الدعم المعنوي الحضوري.
إمارات المناطق تقود منظومة العمل الحكومي بمناطقها عبر مجالسها وصلاحياتها الإدارية والمجتمعية، و مهمتها المفترضة تتجاوز مجرد الدعم إلى الحفاظ على كينونة المنظمات الأهلية بضمان استقلاليتها التامة في تنفيذ ما تقرّره مجالسها وجمعياتها. للأسف، هناك من لا يستوعب هذه الفلسفة ويرى بأن موقعه الإداري ولمجرد وجهة نظر شخصية، يبيح له التدخل في نشاط الجمعيات الأهلية فيهدّد بإلغاء أو تعطيل أو نقل نشاطاتها حتى ولو تسبب الأمر في حرمانها بعض فرصها التسويقية والاستثمارية. كعضو في جمعية أهلية ومتابع لبعض ما يدور في هذا المجال، أدركت كيف يتدنى أداء الجمعيات الأهلية في منطقة ما وينمو في أخرى، عطفاً على الاستيعاب والفهم الإداري لأدوار ومفاهيم عمل الجمعيات الأهلية. مسؤولو الجمعيات يبذلون الجهد وفق مواردهم وإمكانياتهم المحدودة في ظل أنظمة ومرجعيات إدارية معروفة، يحلّقون نحو الأفضل كلما كان الدعم (اللوجستي) والإداري والمادي أكبر من قيادات منطقتهم. أدعو وزارة الشؤون الاجتماعية الدفاع عن جمعياتها وإيضاح استقلاليتها أمام مختلف القطاعات الإدارية. كما أتمنى أن يكون جزءاً من تقييم عمل إمارة المحافظة أو المنطقة (أياً كانت) وضوح مبادراتها في دعم المنظمات الأهلية.
أمر مؤسف أن يلغى نشاط جمعية تعاونية نشطة بسبب تدخل موظف لم يعجبه مقر النشاط الذي اختاره مجلس إدارة الجمعية وأعضاؤها، فتجبر الجمعية على إقامة ذلك النشاط في غير مقرها. حتى وإن سمحت سلطاته الإدارية، هذا تدخل في عمل القطاع غير الربحي واستقلاليته، لا يدرك بأن القائمين على الجمعيات متطوّعون والتدخلات الإدارية المتكررة في تفاصيل عملهم تفقدهم حماسهم وتصيبهم بالإحباط. يجب شكر الجمعيات الناجحة والقائمة بنفسها في ظل هذه الظروف الصعبة وتناقص الدعم الأهلي والرسمي لها خلال الفترة الأخيرة. بمعنى آخر، لندعم الجمعيات المتعثرة والضعيفة لكي تنجح ونترك الناجحة تواصل إبداعها بطريقتها التي يختارها أعضاؤها تحت مظلة الجهة المسؤولة عنها، وزارة الشؤون الاجتماعية. الرسالة موجهة بشكل أكبر للمناطق الصغيرة والريفية، حيث تحتاج تنمية العمل الاجتماعي التعاوني و غير الربحي لديها باعتباره مصدراً تنموياً يعوّض محدودية الاستثمارات وتواضع الأعمال بها.
أصحاب السمو أمراء المناطق، الجمعيات الخيرية والتعاونية بمناطقكم تحتاج دعمكم، فكونوا عوناً لهم بالاستماع إلى صوتهم بشكل مباشر وإيقاف التدخل في أعمالهم وعدم فرض قناعات إدارية عليهم تتعدى على استقلاليتهم وتضر بمصالحهم. هم شركاؤكم، فحثوا الجميع على دعمهم لا منافستهم ومحاربتهم.