علي الخزيم
قيل له إن إحدى القطرات غير الأساسية لا تتوفر الآن بصيدلية (مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون بالرياض) وستصل خلال ساعات؛ فعبَّر عن غضبه واتهم المستشفى والقائمين عليه بالإهمال وعدم المسئولية، فسأله أحد الجالسين بقربه بِبَهْوِ الانتظار أمام الصيدلية: منذ متى وأنت تعالج وتراجع بهذا المستشفى؟ فأجاب: أنه أمضى معهم سنوات يتلقى العلاج والرعاية، وأنهم قد أجروا له خلالها عمليتين ناجحتين -ولله الحمد! قال مُحدِّثه: وهل كنت طيلة تلك السنوات تفتقد لحسن الخدمات والعلاجات أو تأخر بالمواعيد؟ قال: اللهم لا. فرد عليه المتحدث: عليك يا أخي أن تحمد الله على هذه النعمة التي يتمناها قوم آخرون، وهم يبحثون عن الوساطات وعن طريق السفارات لعلهم يحظون بفرصة علاجية بهذا المستشفى الراقي، وليس من المروءة وإحقاق الحق أن نَصُبَّ غضبنا على هذا الصرح الطبي العلمي الشامخ بمجرد تأخر وصول قطرة مُرطِّبة غير ضرورية لو رغبت أوصلوها لمنزلك، وننسى كل الخدمات الجليلة التي تُقدم لنا بإخلاص وإتقان على أيدى أمهر الأطباء والمتخصصين والطواقم الطبية المُدربة بأعلى مستوى عالمي، فهدأ (صاحب القطرة) عن فورة غضبه، ثم أخذ يُراجع نفسه ويُوجِّه الحديث لجليسه ويحاول اسماع الآخرين مُتذكراً كثيراً مما وجده من طيب الرعاية ورقي الخدمة، وأكد أنه لولا الله ثم عناية أطباء هذا المستشفى لكان الآن بعداد المكفوفين، وأضاف: جزاهم الله كل خير؛ هم ومن تسبب ببناء هذا المَعْلَم الطبي!
وكنت قد سمعت مراجعاً آخر بإحدى صالات المستشفى كان يتحدث عن عملية خطرة أجريت له ونجحت على يد أطباء المستشفى، ولم يُقَصِّر بمدحهم والثناء عليهم، غير أنه انتقد الطبيب السعودي الذي أدار وأشرف على العملية، لأنه بحسب قوله كان يبدو (مُكْفَهِر الوجه عابس لا يبتسم)؛ ومتى كان هذا يا أخ العرب؟! قال إنه راجعه بعد أيام من العملية، ومع المحادثة ألقى عليه طُرفة (نُكتة) فلم يبتسم! قال أحد الحضور: لعله كان متعباً أو مُنشغل الذهن مُركزاً بعمله وأنت كنت تستظرف في غير وقتك؟ قال: نعم تذكرت الآن أن أحد أفراد التمريض قد قال لي قبل حضور الطبيب: عليك بالانتظار قليلاً فهو قد أنهى لِلتَّو عملية مُعقدة يتوقف عليها - بعون الله - مستقبل بصر المريض، هنا أدرك أنه مخطئ في حكمه على الطبيب الماهر المجتهد؛ شديد التركيز البعيد عن التهريج خلال العمل، فهو يعمل لدى مركز مرموق يَعرفه العالم؛ ويشار إليه في المحافل الدولية لنجاحاته المتراكمة؛ وما يضم من نُخبٍ طبية متخصصة فائقة المهارة، فلا مجال لدى هؤلاء العمالقة بمهنتهم وتخصصهم الراقي للتهريج ومضيعة الوقت، ثم إنه على الإنسان أن يَعرِف (مع مَنْ ومتى) يتكلم ومتى يمارس خفَّة الدم.
هنا انبرى أحد الجالسين ويبدو أنه على اطلاع ومتابعة لإنجازات المستشفى فأبرز للجلوس حوله معلومات مضمونها أن المستشفى قد تم تجديد اعتماده عالمياً مرات عدة منذ عام 2001 من اللجنة الدولية المشتركة لاعتماد المنشآت الصحية نتيجة لالتزام المستشفى الصارم بتطبيق المعايير الصحية الدولية، قلت: حقاً إنهم يستحقون الإطراء والثناء.