منال الخميسي
النظريات
الآراء السياسية، والاقتصادية والتربوية
الاختراعات الابتكار، الأفكار الاقتصادية
تفاحة نيوتن، جائزة نوبل، مصباح اديسون، طابعة جوتنبرج، تحنيط الفراعنة، السينما المسرح، الإذاعة، التلفزيون، الرأسمالية الاشتراكية، أساليب التربية، اللوحات الفنية القصص الأدبية، والأبيات الشعرية، التصميمات المعمارية، كل ما سبق كان نتاجاً لفكره آمن بها أصحابها عبرت عقولهم ولكن كان لها أثر وبصمة ليست في حياتهم فحسب وإنما في حياة البشرية رغم مرور المئات من السنوات عليها ملايين من البشر يوميًا يصبحون ويمسون في عمل دائب من أجل لقمة العيش أو لكي يرتفع مستوى معيشتهم، قلائل في هذا العالم من تكون لهم أفكار مؤثرة تستحق الدراسة والتنفيذ، قد يكون بيننا واحد أو اثنان من هؤلاء يعمل ليل نهار على فكرة طرأت بباله أو قد يكون اضطر للتفكير فيها نتاج عارض حياتي صادفه ويحاول تخطيه بباله، أو بفكرة أو شيء يخدم عمله أو دراسته
قد يجد من يدعمه، وقد يكون هناك من يقف عائقًا أمام تحقيق وإتمام فكرته؛ ما هي الفكرة؟ الفكرة من وجهة نظري (هي ناتج ما دار في ذهنك واستقر في عقلك من أحداث ومواقف وكذلك بعض التحديات والعثرات والدوافع والمحفزات التي تخلق نوعًا من التوجه نحو صياغة محتوى عقلى محدد يتبلور في بعض من الكلمات أو الأفعال أو التوجه نحو تجربة ما نسميها نحن فكرة)
عملية عقلية داخلية معقدة كانت أم بسيطة تثمر بفكرة صحيحة أو خاطئة قوية كانت أم ضعيفة مؤثرة أو لا يلتفت إليها أي من البشر.
وكلَّما كانت الفكرة الناتجة عن تفكير عميق أو ناتجة عن تعرض صاحبها لحدث ما فصاغه بطريقة بسيطة، وتلمس بشكل مباشر حياة الآخرين أو تحل مشكلة لديهم أو تساعدهم في تخطي عقبة ما كلَّما كان تأثيرها عاليًا وقويًا بل ويزداد انتشارها واقتناع الكثيرين بها وخاصة إن كانت تجربتها تمت بنجاح لمن سبق وتعاملوا بها أو قاموا بتجربتها. الفكرة الناجحة المؤثرة ليس المسؤول عنها صاحبها فقط بل هناك عوامل عدة ساعدت هذا الشخص على إظهارها.
هذه العوامل تتمثل في صلاح البيئة التي نشأ فيها عبر ترك مساحة كبيرة للتأمل مصحوبًا بالدعم والإيمان بصاحب الفكرة ممن حوله ولو كان شخصًا واحدًا: كأحد الوالدين أو الإخوة أو معلم المدرسة أو أستاذ الجامعة. شعور الإنسان بالدعم وإيمان الآخرين به من أهم ما يظهر قوة الفكرة وسبل طرحها.
إن لم يجد (أديسون) أمًا قويه آمنت به وبقوة عقله حين حكمت عليه مؤسسة تعليمية بأنه فاشل وقدراته العلمية محدودة لما كنا أمام مخترع مؤثر وصاحب فكرة أنارت العالم إلى يومنا هذا. إيمان مؤسسة دينية بمناضل كـ(مارتن لوثر كنج) ميزته ودعمته وتبنت أفكاره فكان أحد المؤثرين الناجحين في إظهار الوجه القبيح للعنصرية والقضاء عليها ولو على المدى البعيد. أمثلة عديدة للدعم المجتمعي والبيئي والأسري لأشخاص أثروا بأفكارهم واختراعاتهم في الحياة البشرية بفضل من حولهم. قد يكون نجاح الأفكار كذلك نتاجًا عن تحدي صاحب الفكرة لظروف معيشية صعبة أو جملة استفزازية من أحد المحيطين أو تحديًا لأفكار سلبية أحاطت به وكان له معها حربًا طويلة الأمد انتهت بانتصاره وقدرته على تخطيها وإثبات قدرته وقوة أفكاره. والأمثلة كثيرة من الشخصيات المعروفة من مثقفين ومخترعين وفنانين وعلماء واجهوا نوعًا من الأفكار السلبية لكن إيمانهم بأفكارهم استطاع أن يصمد أمام ما واجهوا من تحديات أيضًا لم تقف الإعاقات البدنية أمام العديد من المؤثرين وأصحاب الأفكار التي تعيش بيننا إلى الآن في إيقاف أصحابها عن إنتاج أفكار وبث لروح التحدي وإثبات الذات (طه حسين، الرافعي، هيلين كيلر، وچون ميلتون) وغيرهم من الأدباء.
والشعراء والمخترعون الذين لم تقف إعاقتهم عقبة في طريق تفوقهم العقلي وأفكارهم التي تدرس إلى وقتنا هذا. بساطة الأفكار وشعور متلقيها أنها تمس مشاعره وأركان حياته اليومية أو تنقل له مساوئ مجتمعه وتقدم له الحلول البسيطة الناتجة عن تجربة صاحبها بطريقة مبسطة وصادقة وجدية من شأنها أن تسهم في بقاء أفكار أو فكرة الشخص طويلاً أو في بعض الأحيان عبر قرون من الزمن.
فشعور الإنسان بمصداقية من ينقل له فكرة لم يكن يفطن لها في يوم من الأيام قد تحول وجهة نظره في موضوع ما من النقيض إلى النقيض وقد تغير أيضاً أسلوب حياته ونظرته للأمور والمحيطين به وتضعه على طريق صحيح، كأن تجعله يفكر بإيجابية، أو يكون لديه حافز قوي كصاحب الفكرة بأن يبدأ في اكتشاف الإيجابيات من حوله ومحاولة علاج ما قد يقابله من أفكار سلبية وأولها عدم استجابته لاستهزاء المحيطين أو محاولتهم عرقلته عن عمل يقوم به أو تبنيه فكرة اقتنع بها.
أنت وأنا وغيرنا يستطيع أن يكون صاحب فكرة مؤثرة تعيش عبر الزمن فقط:- إذا آمنا بما نفعل ونعمل لا يهم من يسرق أفكار فأنت، وأنا لدينا منابع الأنهار، لا تهتم إلى أين تذهب بضع من قطرات الأمطار فقط نعيش يومنا نكتشف حياتنا ونعمل بضمير لا يهمنا جوائز ولا تقدير ودعك ممن يجيدون الاستغلال والقفز على الغير.
البحث عن التقدير والجوائز من أهم ما يجعل الأفكار ناقصة غير متحررة مقيدة بشروط الجوائز فتفقد رونقها وتجددها، فالقوالب الجامدة تجعل الحركة أبطأ وتعود بالخطوات للوراء؛ الأفكار المتجددة المؤثرة هي نتاج تجارب صاحبها بظروفه هو امتلك شجاعة طرحها لأنه آمن بها وأجبر الآخرين على احترامها ونقلها ببساطة وتلقائية ووجد من يدعمه أم لم يجد قوة فكرته وبساطتها كانت هي أكبر داعم وحافز.
كثير من المواقف تعلمك أن تتمسك بأفكارك وإن لم ترق لغيرك عندما تقتنع بها وتدرس عواقب عدم رضا الآخرين عنها وتراها تعبر عن شخصيتك؛ مهما حاول البعض إقناعك بأفكار تبعد عن طريقة تفكيرك وثقتك بأنك على صواب تحترم رأي الغير ولكن من الممكن ألا تأخذ به. أنت لا تتلقى أوامر من أحد عندما تبتكر أو تبدع فلا سلطان فوق موهبتك وملكاتك وقلمك وإبداعك غيرك أنت أنت من تملك الزمام حتى ولو كثر حديثهم وتوهموا للحظات أنك قطرة في بحور كلماتهم أو أنك لا تملك سدًا منيعًا لشلال أفكارهم، فصمتك لا يعني اقتناعك بهم كما يصور لهم خيالهم وإنما هو تروٍ ودراسة، بل في بعض الأحيان (قرار) عندما تشعر بذلك:-
تيقن أنك
ستظل تعتز بعقلك وبفكرك وأنك
لست ممن يطأطئون رؤوسهم من أجل أن يعبروا على حساب قناعاتهم
أنت صاحب فكرة ستبقى ولو كان سيبقى منها فقط احترامك لذاتك!!