عبد العزيز الهدلق
جاءت مشاركتنا في أولمبياد طوكيو مخيبة للآمال. ولا تعكس تاريخ الرياضة السعودية، ولا حجم الدعم المقدم لها. ولا الاهتمام الذي تلقاه على الأصعدة كافة. ومن الصعب اختزال ما حدث من نكسة رياضية سعودية في أولمبياد طوكيو في توجيه اللوم للقائمين الحاليين على شؤون الرياضة والاتحادات الرياضية. فهذا الفشل هو نتاج تراكم سنين من العمل غير الممنهج. وتراكم الأخطاء، وغياب السياسات السليمة والخطط الصحيحة التي تقود نحو مستقبل رياضي أفضل. وليس من الحكمة فتح الملفات القديمة. فالعقل والمنطق يقود نحو وضع نقطة انطلاق ثم بدء التحرك إلى الأمام. فمن فوائد المشاركة في أولمبياد طوكيو أنها كشفت لنا بوضوح أين تقف رياضتنا حالياً. وما هو مستواها في التصنيف العالمي. وهذا سوف يسهل علينا تحديد ما هو الواجب علينا فعله. ويسهل علينا قياس تقدمنا في المستقبل.
فنحن الآن على بعد سنة من دورة الألعاب الآسيوية القادمة في (هانغتشو) بالصين. وسيعقبها بعامين دورة الألعاب الأولمبية بباريس (2024)، ثم دورة الألعاب الآسيوية باليابان (ايتشي وناغويا) 2026، ثم دورة الألعاب الأولمبية بلوس أنجلوس (2028). وهذا التسلسل الزمني لدورتي الألعاب الآسيوية والعالمية، يفرض على اللجنة الأولمبية السعودية من الآن وضع الخطط اللازمة، والمستهدفات من المشاركة في كل دورة.
ومن حسن حظ اللجنة الأولمبية السعودية أن الدعم الحكومي لقطاع الرياضة سخي ولامتناهي، كما أن ورؤية المملكة 2030 أكدت أهمية التركيز على صناعة أبطال في مختلف الرياضات.
واللجنة الأولمبية السعودية مطالبة من اليوم بأن تتحول إلى خلية نحل لا يتوقف العمل فيها، ولا يفتر. للتخطيط والمتابعة والإشراف والتقييم والرقابة على كل من يتم رسمه واعتماده من سياسات تحقق التطور الرياضي وخطط تصنع الأبطال في مختلف الألعاب. وإذا كان المال متوفر بدعم الحكومة، فإن المطلوب الآن أن تعمل العقول. وهذ -ولله الحمد- متوفرة وعلى مستوى عالٍ في كافة قطاعات اللجنة الأولمبية السعودية.
ولا يجب علينا إعادة اختراع العجلة، فالتعرف على التجارب الناجحة في العالم للاستفادة منها ومحاكاتها هو أقصر الطرق لتحقيق النجاح، وكذلك الاستفادة من الخبرات الأجنبية المتميزة في مختلف الألعاب، والاستعانة بها سواء كان باستشارات إدارية أو فنية، أو تدريبية. كما يجب إشراك قطاع التعليم بكل فئاته في دعم التوجه الوطني لصناعة الأبطال الرياضيين، وكذلك القطاع العسكري الذي ينتمي إليه الكثير من الأبطال الموهوبين في الرماية والفروسية وغيرها. وأيضاً القطاع الخاص من خلال مشاريعه الرياضية المتنوعة التي يجب أن تصب أهدافها الرياضية في خدمة رياضة الوطن. بالإضافة إلى إعادة تقييم مشروع أكاديمية «مهد»، وبرنامج الابتعاث السعودي لتطوير مواهب كرة القدم.
وغني عن القول أن صناعة البطل الأولمبي لا تتم في يوم وليلة، ولا انتظار بطل تتفتق موهبته فجأة. إبداً فهي تكون من خلال خطط مدروسة ومتقنة قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، والتركيز على النشء ابتداء من عمر عشر سنوات، وإخضاعهم لاختبارات وقياسات بدنية وصحية وذهنية لتوجيههم للرياضة الأنسب لهم ومن ثم الاهتمام بهم ورعايتهم ومتابعتهم اجتماعياً وصحياً ودراسياً ورياضياً حسب المسار الرياضي الذي تم اختياره لهم. وصقل مهاراتهم وزيادة خبراتهم بكثرة الاحتكاك والمشاركات الدولية مع نظرائهم ومن يفوقونهم. ومراقبة تطور مستوياتهم. وتحديد زمن مشاركاتهم الأولمبية، والزمن المستهدف لوصولهم مرحلة النضج وتحقيق المنجزات.
وبعد عثرة طوكيو (2020) سنكون بانتظار ماذا سنحقق في (هانغتشو) بالصين (2022)، وباريس (2024)!؟