عبده الأسمري
الكتابة.. وما أدراك ما الكتابة؟ تلك «الحرفة» التي تسللت إلى أعماق الوجدان عندما بدأناها بتلك الحروف الخجولة المكسرة التي خطيناها بزعزعة «التلمذة» الأولى على لوحات الدروس وشكلناها بحتمية «الإجابة» المثلى على دفاتر الواجب.. وظللنا نكتب بقلم «الرصاص» ألف باء البدايات التي ظلت «مرفوعة» بالهمة و»مشفوعة» بالمهمة في سنوات دراسة ابتدائية كنا فيها نقتني «القلم» كرفيق مستديم لا يفارق أوراقنا وحقائبنا وجيوبنا وما لبث حتى بات «الصديق» الأنيق الذي نكمل به أزياءنا ونراهن به على «تواقيع» التجارب و»وقع» المشارب.
من الكتابة تشكلت «مفاهيم» التنافس الأول في «حرفية» التأليف من العبارة والمحتوى و»احترافية» الألفة بين الحرف والكلمة ليتشكل «التآلف» بين هيمنة التفكير من منصة «العقل» وسلطنة التعبير من مسيرة «القلم» فتكونت «المحاكاة» الحقيقية بين الكاتب والمكتوب في ترابط عميق وارتباط دقيق يعكس «حظوة» الحروف و»سطوة» الوصوف تحت ظل «القدرة» وفي ظلال «المقدرة»..
للكتابة مجالات متعددة وقنوات عديدة وتتشكل فيها انطلاقات المعاني لتدخل في حيز «المقبول» وتبقى في متن «المتميز» وقد تؤول إلى مصير «الممنوع» لذا فإن «ثمة» خطوط خضراء وأخرى حمراء بشتى ألوان «الضبابية» أو إشكال «الواقعية» تتبارى أمام «منافسة» الظهور أو «هزيمة» التراجع أو الوقوف في «منتصف» طريق مملوء بالحيرة ومكتظ بالمسائلة يظل حجر «عثرة» أمام انتعاش الحرفة وحظ «عاثر» حول تشرب «المعرفة»..
بين المنع والشفع والنفع تأتي «الكتابة» لتتباهى بوظيفتها «الأساسية» وتتسامى بمهنيتها «الأصلية» في ظل ضوابط تحكم الخروج عن المألوف والتجاوز على الأصول ومخالفة المنطق ومعاكسة الواقع لتكون «المهمة» الأسمى في رسائل «المهن» وفي وسائل «الحرف» ومسائل «التعلم» ليأتي إلينا «الكاتب» كصاحب «رأي» ومالك «حجة» ومؤصل «دليل» حتى يتراءى للبشر أنهم أمام «ميزان» صالح للزمان و»اتزان» كابح للنكران لتتشكل تهيئة الأجيال بطرق سلسلة ووسط دروب ميسرة.
من فعل «الكتابة» توالت «مواريث» التطوير بين حقبة وأخرى ظهر فيها «دوي» الإبداع في سماء «الأدب» وانبثق منها صدى «التفكر» في آفاق «الثقافة» وانطلق منها مدى «التنافس» في ميادين «الحصافة» مثولاً أمام «رونق» الصياغة الشخصية و»تأنق» الصناعة الذاتية في منظومة «الإنتاج الكتابي» بكل اتجاهاته وأبعاده.
للكتابة «طعم» الدهشة في مذاقات «الاقتدار» ولها «ذوق» الاندهاش «في ومضات الانتصار» حيث ينتصر الحرف ليعلن قوة «الكلمة» وتتفاخر «المفردة» لتخطب ود «العبارة» ليأتي النتاج «فاخراً» بفروق «المشاركة» و»زاخراً» بفارق المباركة..
الكتابة... فعل «أصيل» يرمم شتات «الذات» ويجبر مصاب «النفس» ويردم «فجوة» الروح في جرعات «معرفية» تملأ القلب بعواطف «الإثبات» أمام عواصف «التغير» وسط «عناوين» دائمة تعكسها تفاصيل المواقف والوقفات والمنعطفات والرؤى.
في شؤون الكتابة ترتمي النفس في واحات «التعبير» وفي مساحات «التسطير» حتى تكون حينها في مأمن من كل الاتجاهات لتأتي «الكلمات» كجرعات فاعلة في جبر الخواطر وفي تخطي المتاعب وتجاوز الآلام لتكون الحروف جهراً لأسرار الأعماق التي تفرغ مكنونها على الصفحات ببصمات الكلمة وإمضاءات المفردة حتى تكون تلك «الكتابات» برداً وسلاماً على الأوجاع وتبقى تلك «السطور» راحة وأماناً على الذات.
للكتابة مسارات من السواء والسوء ومن الامتداد نحو العطاء والارتداد إلى الأخطاء وهي الشاهدة على الإنسان والصامدة أمام الأزمان لتبقى «أثراً» يعكس شخصيات وسلوكيات البشر في مستويات متباينة ومتصاعدة تتباين فيها الفروق الفردية تحت كفاءة المنتج وإجادة الإنتاج..
الكتابة الهدية العظيمة التي يجود بها الفكر وتحتفي بها الأنفس وتزدان بها المقامات وتسمو فيها المفاهيم وتعلو وسطها المهارات.. وهي الهوية المعرفية التي تجعل الإنسان في توأمة مع التأثير وهي القوة الذاتية التي توظف «الحكمة» وتشيع «الحنكة» وبها وفيها ومنها تتعالى صروح «التفوق» عبر الأزمنة والأمكنة بمعايير الانفراد ومقاييس التفرد.