رجاء العتيبي
طالما أن هناك اتجاهاً صاعداً للأفلام، فالأولى أن يكون تلقي الفيلم، صاعداً هو الآخر، مليء بالتسامح والقبول، والحب والسلام، والقراءة النقدية المحايدة.
كيف تتلقى أنت الفيلم الذي لا يعجبك لأي سبب؟ تسخر منه؟ تجلده، تحكم عليه حكماً نهائياً؟ وتحكم على المشتغلين فيه؟ تشمئز منه؟ تعترض عليه في كل مناسبة يأتي ذكره؟ تقصيه؟
علينا أن نتفق في البداية، أنه لا يوجد شخص وصي على السينما، ولا يوجد شخص يوزع (صكوك) النجاح والفشل على الأفلام؟
ولا يوجد واسطة في السينما والفن بصفة عامة؟ يوجد دفع رباعي صحيح، ولكن العمل السيء لا يمكن أن يكون بالواسطة عملاً جيداً هذا ما أقصده.
وعلينا أن نتفق على أحقية كل شخص - أياً كان - أن ينتج عملاً سينمائياً، أن يمثل، أن يكون بطلاً... ويبقى هذا مرهوناً بالجمهور، ربما يبقى هذا العمل، ويزداد تألقاً ويمكن أن ينتهي في اليوم التالي. فالساحة تتسع للكل، وبالتالي لا يوجد نخب ولا مهمشون، كل من يريد أن يعمل يعمل. (اعمل ولا حرج).
علينا أن نتفق أيضاً على أن الموهبة، تفصح عن نفسها، ويشاهدها الجميع، والعمل المتميز سيكون محط أنظار الجمهور، لهذا لا داعٍ لرفض العمل الفني، (دعه يمر)، (دعه يعمل)، (دعه يجرب). لسنا أوصياء على أحد (هذا يعمل وهذا يتوقف).
حتى وإن كنت فناناً، وتقدم نفسك على هذا الأساس، عليك أن تتخلص من (الراديكالي) الصغير الذي يعيش في أعماقك، الذي يرفض، ويقصي، ويصنف، ويجلد، ما لم يكن الآخر ضمن حدودك الفنية.
لهذا تكون النتيجة، قبول كل الأعمال، أيا كانت، قبول التنوع، الإيمان يتنوع الناس، وتنوع ثقافتهم، والتعامل مع كل ذلك بالقراءة النقدية المعمقة، والمحايدة، بعيداً عن (صح وخطأ)، (ناجح فاشل)، (حسن، سيء)، (مقبول، مرفوض)، لأن هذه الثنائيات الحدية، هي ديدن المتطرفين، أيا كان مجالهم.
وهذا التطرف، لا يكتفي، بإقصاء الفيلم الذي لا يسير على هواهم، إنما يقصون حتى المعجب به، أو الذي أشاد به، أو تحدث عنه.. خطاب التطرف لا مكان له، يمكن أن تجده حتى في الفن.