أحمد إبراهيم المسيند
تغيير الصورة الذهنية لدى الجمهور الخارجي والأجنبي ليس سهلاً إلا أنه في ذات الوقت ليس مستحيلاً!
هذا ما لمسته أثناء الحديث مع المدرب الأمريكي بيل كونور خريج جامعة كولومبيا في الصحافة الذي يملك تجربة عريقة كمراسل للبيت الأبيض لأكثر من 15 عاماً، عن الفرق بين زيارته الأولى للمملكة قبل عشرة أعوام وزيارته الحالية، فذكر أن كل شيء تغيَّر.
نقاط عدة تغيَّرت في السعودية من وجهة نظرة كونور، ذكرها لي على هامش دورة «متحدثون» التي أُقيمت تحت إشراف وزارة الإعلام ممثلةً بالتواصل الحكومي، حيث يرى أن حضور المرأة السعودية لافت في كافة المجالات خصوصاً في الحياة اليومية، فضلاً عن لطف المجتمع السعودي وكرمه ووعيه الفكري والمعرفي المتقدم، إضافة إلى تعدد الخيارات السياحية بالرياض.
من حديث بيل يتضح أن الصورة الذهنية حالة عقلية مرنة تتغير لدى الجميع باستثناء «المتنمطون» أصحاب الصورة النمطية لأنهم في الأغلب متحيزون ومقاومون للتغيير، في حين تأتي الصورة الذهنية أكثر انفتاحاً وأقل تحيزاً لكنها علمياً لا تتسم بالدقة.
تتمثَّل أبعاد الصورة الذهنية من فحوى حديث بيل، في البعد المعرفي والبعد الوجداني والبعد الإجرائي، حيث أدرك معرفياً واقع المرأة السعودية والتمكين اللافت لها عن قرب وازدادت معرفته بجهود المرأة في النهوض بالوطن.
البعد الوجداني لا يقل أهمية عن البعد المعرفي، بل إنه يفوقه، لأنه يمثّل مشاعر الفرد وانطباعاته، حيث لاحظ أثناء زيارته لحافة العالم التي تبعد عن مدينة الرياض قرابة الساعتين، كرم السعوديين ووعيهم العلمي والمعرفي المتقدم، فضلاً عن لطفهم في تقديم المساعدة، في حين يتجسّد البعد الإجرائي بانفتاح المملكة العربية السعودية على العالم وتيسير إجراءات السفر والفيزا لعدد كبير من دول العالم الذي يتيح لسكان هذه المعمورة اكتشاف المملكة بأنفسهم بعيداً عن أي تشويش إعلامي.
يؤكد كارل دويش أن الصورة الراسخة التي تكونت خلال مراحل زمنية طويلة، قلما تتغير تغيراً جوهرياً ما لم تتعرض لهزة قوية تحولها من النقيض إلى النقيض، ويلفت النظر إلى أن الصورة القائمة لا تتأثر فقط بالمعلومات المتدفقة على الفرد، بل إن الحراك الإيجابي والأحداث تستطيع التأثير على الصورة القائمة وتغييرها.
برأيي أن القرار التاريخي بإطلاق التأشيرة السياحية وتسهيل زيارة السياح الأجانب عبر تأشيرة فورية بالمطار، نقطة تحول إيجابية، كما أود التأكيد على أن الحفاظ على تراث الوطن وعاداته وتقاليده وتقبل جميع عينات المجتمع كما هي، سيجذب السياح أكثر ويسهم حالياً ومستقبلاً في تغيير الصورة الذهنية إلى مزيد من الإيجابية، فضلاً عن المزايا عن الاقتصادية والثقافية والاجتماعية الأخرى.
الحراك الإيجابي على كافة الأصعدة الذي يقوده سمو ولي العهد منذ 2015 ساهم في تغيير صورة بيل كونور وغيره الكثير لكن يتطلب منا جميعاً التعاضد في ذلك، حيث نعيش وكلنا فخر بدولة عصرية حديثة متطلعة لبناء المستقبل بهمة وعزم وشغف.
** **
- خبير اتصال وباحث دكتوراه