سهوب بغدادي
فيما استقبلت طوكيو دورة الألعاب الأولمبية الصيفية مؤخراً، والتي كان من المقرر أن تقام عام 2020 وتأجلت بسبب تداعيات الجائحة العالمية بتفشي فيروس كورونا. إلا أنها أبهجت العالم باعتبارها من أولى المحافل التي احتضنت العالم بشكل حضوري بعد عامين من التعامل في سماءات العالم الافتراضي. في الوقت الذي قد يغفل الكثيرون عن خطوات اليابان المتبعة لاستضافة الألعاب الأولمبية، فمتى تم البدء في التجهيز لها؟ ومن اشترك في هذه العملية؟ وأسئلة أخرى عملية ونظرية في حال تتبعنا قصة المحفل العالمي.
فلم يتم البدء في التحضيرات للأولمبياد منذ عام 2020، ولا عام 2019، ولا عام 2018، بل في عام 2017..!
إنه لمن المذهل أن يتم العمل وفق خطة أو «خطط بديلة» في حال التعرض لعقبات متوقعة، وباعتقادي أن خطط اليابان «أ» و»ب» و»جـ» لم تتضمن تلك المعمول بها أو المعتمدة بسبب حصول ما لم يكن في الحسبان، فمن كان يتصور أن يتوقف العالم أجمع بسبب وباء عالمي فتاك؟ إنه سيناريو غير واقعي وينتمي إلى الأفلام السينمائية. من هنا، يتضح أن التجربة اليابانية في استضافة الألعاب الأولمبية 2021 تدرَّس، لأنها تحمل العديد من خطوات الإدارة العامة وإدارة الأزمات وإدارة الحشود ووضع الاستراتيجيات وما إلى ذلك.
في عام 2017، كنت متواجدة في طوكيو لحضور افتتاح معرض طوكيو للسيارات ضمن وفد إعلامي يمثل المملكة، فكانت فرصة جميلة جداً ويسعني في هذا الموطن أن أتوجه بالشكر لسعادة رئيس تحرير صحيفة الوطن السعودية الدكتور عثمان الصيني، الذي خصني بهذه الفرصة لتمثيل الوطن بالتزامن مع الإعلان عن السماح للمرأة بالقيادة في السعودية، فكان تواجد امرأة سعودية عوضاً عن رجل ضمن الوفد موقفاً معبراً عن مدى تمكين المملكة للمرأة السعودية على الصعيدين المحلي والعالمي. فشكراً مجدداً لسعادة الدكتور وللوطن على التحسينات المتواترة في حياة الفرد والمجتمع ككل منذ انطلاق الرؤية الطموحة لسمو سيدي محمد سلمان -أيده الله لما يحب ويرضى-.
رجوعاً إلى معرض طوكيو للسيارات 2017 لفتتني عدد من السيارات والحافلات التي صنعتها شركة تويوتا بشكل مخصص لتنطلق بشكل رسمي عام 2020 أي بالتزامن مع انطلاق الألعاب الأولمبية، فكان هنالك «تاكسي طوكيو» الخاص بنقل الأفراد داخل طوكيو والمجهز بأحدث وسائل الراحة والاتصال، كسلك شحن وشبكة «واي فاي» وما إلى ذلك. فضلاً عن حافلات متقدمة تقنياً لنقل الجماهير من وإلى مناطق إقامة الألعاب الأولمبية. كما تم نشر شعار الألعاب الأولمبية مع تاريخ 2020 في المنتجات والسلع في الأسواق اليابانية كالقمصان، وميداليات المفاتيح والهدايا التذكارية. لا أخفيكم في ذلك الوقت أنني تساءلت كثيراً عن التوقيت المبكر للتحضيرات المسبقة والسابقة لأوانها برأيي، كانت الإجابة من أحد مديري شركة تويوتا اليابانيين، بأن اليابان تحتفل بهذا المحفل وعلى كل مواطن ياباني أن يحتفل أيضاً ويتم تهيئته لاستقبال هذا الحدث العالمي، وذلك بمشاركة الكبير والصغير. وكما رأينا أن الشركات الكبرى تساهم في عملية الاستضافة وغيرها من الكيانات الحيوية بغية عكس أفضل صورة عن اليابان وشعبها.
مما سبق، نستطيع الاستفادة والتوقف على خطى اليابان في استضافة الألعاب الأولمبية 2021، في بعض الأزمات التي تعترض المؤسسات أو الأفراد على حد سواء في كيفية إدارتها لها وعدم الجزع، وإيجاد خطط بديلة لم تكن مطروحة بالضرورة أو متواجدة في الصورة العامة، من ثم النجاح فيها.
في هذا النسق، يسعني تهنئة اللاعب طارق حامدي والوطن بفوزه المليء بالشغف لمستقبل واعد للمواطن السعودي العازم على رفع اسم بلاده ودينه بإذن الله القدير.