عبده الأسمري
بين أبعاد الثناء والاستثناء ووسط سداد الوفاء والاستيفاء أكمل الجمل الاسمية التي كان فيها «مبتدأ» للتفكير و«خبر» للتدبير في شؤون «ملكية» و»متون» أميرية بقي وسطها «رفيقاً» للملوك ومرافقاً للأمراء.. ووجيهاً وطنياً رسم خارطة «التوجيهات» الأسرية وأكمل منظومة «الاتجاهات» العائلية للأم العظيمة والوالدة الحانية والأميرة المتفانية حصة السديري التي رسمت الملامح والمطامح في حضوره لتجني بشائر «المستقبل» في سير «تاريخية» لأبنائها الذين تحولوا إلى «بدور» مكتملة في سماء «الملك» وآفاق «الأثر» ومعاني «التأثير».
حوَّل حياته إلى «ذاكرة» منتقاة لتاريخ «نجد» وسخَّر ذاته لتكون «مفكرة» مبتغاة لجغرافيا «العارض» ليكون «السادن» الأمين لعناوين عريضة من المجد و«الخازن» المكين لتفاصيل طويلة من الاستذكار، فظل «الرقم» الذي راهنت عليه «المجالس» الملكية و«العدد» الذي اتفقت عليه «المنصات الوطنية».
إنه الشيخ ثنيان بن فهد الثنيان -رحمه الله- أحد أبرز رجال الدولة والمؤرخين والفضلاء والوجهاء في الوطن.
بوجه نجدي وقور تشع منه علامات الزهد وتنبع فيه سمات الجد مع عينين تسطعان بالحنكة والدراية وملامح تتقاطر منها النباهة والنباغة وتقاسيم يسكنها السمت تتشابه مع أسرته «الحوشان» وتتقاطع مع أخواله «آل البكر»، وأناقة وطنية مبهرة ترتدي البشوت الملونة وتعتمر البياض الذي يتوافق مع صفاء قلبه ونقاء سريرته، وصوت مسجوع بالذكريات ومشفوع بالأحداث تتوارد منه العبارات اللغوية في «مجالس» القرار والاعتبارات القولية في «محافل» التوجيه مع فصاحة عميقة وثقافة موثقة وحصافة وثيقة تلهج بالوقائع وتتسامي بالحقائق وترتقي بالمواقف في منظومة بشرية اختزلها في فكره واختزنها في ذاكرته ليكون «مرجعاً» للإرث الوطني و«منبعاً» للتراث النجدي و«نبعاً» للتسلسل التاريخي في «رياض» العز وفي «نجد» الاعتزاز.. والوزير المرافق والخبير الموفق الذي ملأ قصور «الأسرة الحاكمة» بالمعاني والتفاني في صلاحيات «الترافق» وفي منهجيات «التوثيق».
في نجد وُلد وسط أسرة عريقة «النسب» و«نبيلة» الأصول وتفتحت عيناه على نهارات «الكدح» في مزارع «النخيل»، وتعتقت نفسه بنسمات «الفرح» في منازل «الطيبين» فنشأ في كنف «السخاء» وتربى في حضن «العطاء» مولياً قبلة أحلامه الطفولية إلى مسارين من الطيبة والمروءة والشهامة في «عطايا» أبيه الذي ملأ قلبه ببصمات «الأمانة» في مهمات الأعمال، ومن الحنان والعطف واللين في «هدايا» أمه التي غمرت وجدانه بدعوات «المكانة» في صلوات الليل..
درس في الكتاتيب ثم اتحد مع إخوته عبدالله ومحمد باكرًا في إقامة عدد من المصانع والتي كان سر نجاحها في «التوكل» وعلانية «تميزها» في «الثقة» ثم ساهم في تأسيس شركتي الغاز والكهرباء ومطابع الرياض وكان أول رئيس لمجلس إدارة شركة «غازكو» قبل حوالي 59 عاماً، وقد تناقل قصر الحكم حينها كفاءته ومروءته فأوكلت إليه الأميرة حصة السديري -رحمها الله- «أمانة» شؤون الأسرة فنال «مكانة» متون الذاكرة.. فبقي «سنين» وهو يرصد «تفاصيل» نشأة أبنائها السبعة الأشقاء الملك فهد -رحمه الله- والملك سلمان -حفظه الله- والأمراء سلطان ونايف وعبدالرحمن وتركي -رحمهم الله- وأحمد وأخيهم الثامن عبدالله، وظل «أعواماً» مقاماً للاستذكار المشفوع بالنزاهة ومعلماً للاقتدار المشفوع بالوجاهة.. ليكون «سادن» الأسرار الأسرية و»خازن» التنشئة العائلية متنقلاً بين «المصمك» و«المربع» و«دخنة» وشارع «الثميري» وميدان «الصفاة» راصداً عدسة «الذكريات» في مرابع «الحكم» مشاهداً لجولة «الإمضاءات» في مراجع «الأحداث».. ليكون «الوزير» الأمين و«الخبير» المكين في محطات السنين.
ثنيان الثنيان «الإنسان» الذي رسم زاويته «المنفرجة» أمام المختلفين معه والمحتفين به في سواسية «ذاتية» كانت جزءاً من شخصيته «المثالية» وركناً من مثاليته «الشخصية» التي رسخ بها أعمدة «سيرته» على «أرضية خصبة من الأخلاق وأسس بها أصول «مسيرته» في أسبقية حتمية من الفضائل.
بقي «الثنيان» في سجلات «العرفان» وومضات «الأمتنان» التي اقترنت باسمه وتقارنت مع تاريخه حيث ظل «المحتفى» به و«المتوج» بعمله في زيارات الملوك والأمراء له أثناء مرضه وحين تعافيه وبعد موته..
ظل الثنيان مكافحاً عن «القيم» منافحاً أمام «التقييم» عادلاً في نظرته «للقضايا» معتدلاً في مناصرته «للآراء» شغوفاً بالثقافة رفيقاً للمعارف مقترنًا بالمشارف مخطوفاً إلى قضاء «الحاجات» منجذباً نحو تفريج «الكربات» متواضعاً في حضرة «القدرة» متمكنًا في حضور «التمكين «متيقنًا بحجة «الحقائق» متمينًا ببرهان «الوئائق» قديراً بشهادة «الخلائق» أثيراً بحظوة «الفارق» ليكون «المتفق» عليه في «تنافس» الفضلاء و«المتوافق» معه في «تكامل» التفضيل.
بعد سنوات من المصابرة والمثابرة بنى الثنيان «صروح» الإشادة وأسس «طموح» الريادة ليكون «شاهد» العيان الأهم على ملحمة «المؤثرين» و«راصد» الواقع الأمثل في مهمة «الملهمين».
انتقل الثنيان إلى رحمة الله يوم الأحد 15 ذي الحجة 1442 بعد صراع مع المرض وتمت الصلاة عليه في جامع الملك خالد بأم الحمام ودفنه في مقابر «العمارية» وضجت وسائل التواصل الاجتماعي ووسائط الإعلام المنوع وضخت «خبر» وفاته كجرح غائر في جسد «الحدث «ونشرت «نبأ» وفاته كحزن سائر أمام موجات «الفقد».. وبكته القلوب قبل «الأعين» ونعته «الأنفس» قبل الألسن.. ليكون رحيله حدث وطن وفقده حديث مجتمع.. وودعته صفحات «الأوفياء» ودعت له أكف «الأتقياء» وكرست له منصات «الرحيل» تراتيل «الوداع» وتفاصيل «الاستيداع» ليكون عاملاً «مشتركاً» في «قسمة» الذكر وغنيمة «الشكر»..
ثنيان الثنيان «الوجه» الأصيل الذي أضاء دروب المعروف و«الوجيه» النبيل الذي أسدى هبات المنافع..