د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
تهدف رؤية المملكة 2030 إلى تحويل السعودية إلى قوة صناعية رائدة ومنصة لوجستية عالمية عبر تعظيم القيمة المتحققة من قطاعي التعدين والطاقة والتركيز على محوري المحتوى المحلي والثورة الصناعية الرابعة.
من أجل رفع نسبة مشاركة القطاع الصناعي من 10 في المائة إلى 15 في المائة بحلول عام 2030 من 272 مليار ريال إلى أكثر من 600 مليار ريال، ورفع دخل الأنشطة غير الصناعية من 163 مليار ريال إلى تريليون ريال، وبإجمالي استثمارات في القطاع الصناعي في أغسطس 2020 بنحو تريليون و71 مليار ريال.
تحفيز الاستثمارات ضمن القطاع الصناعي بما يرسخ مكانة القطاع الصناعي، ويمكن المنتج السعودي من المنافسة على الخارطة العالمية، يمكن المنتج السعودي من المنافسة محلياً وإقليمياً وعالميا، ويعزّز دوره في رفع صادرات السعودية غير النفطية من 16 في المائة إلى 50 في المائة من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي بحلول 2030 إلى نحو 460 مليار ريال بموجب مستهدفات الرؤية.
تبدو السعودية جاهزة للدخول إلى مجال الثورة الصناعية الرابعة التي تعتمد بشكل أساسي على توظيف التقنية وذكاء الآلة والربوتات وإنترنت الأشياء وغيرها من بنى تحتية تقنية متقدمة، في سبيل الارتقاء بالعملية الصناعية، ورفع كفاءتها من أجل تحويل السعودية إلى قوة صناعية من أجل توفير فرص عمل مهمة للمواطنين.
من أجل ذلك اتجهت السعودية إلى تأسيس مركز مختص بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وهو فرع لمركز الثورة الصناعية الرابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي، الذي تم تأسيسه باتفاق بين الدولة والمنتدى الاقتصادي العالمي، كذلك قامت شركة أرامكو بإنشاء مركز خاص بها للثورة الصناعية من أجل تطوير التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي، وتعلّم الآلة والبيانات الضخمة، كذلك تم إدراج منشأة خريص التابعة لأرامكو ضمن قائمة المنارات الصناعية العالمية، وهي المنشأة الثانية لأرامكو، إلى جانب تم اختيار منطقة نيوم كساحة عالمية لتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة في مختلف مناحي الحياة.
المجال الصناعي ساحة كبيرة للمنافسة بين الدول، حيث كثير من دول العالم تعاني صعوبات وتحديات في المنافسة في مجال الصناعة على المستوى العالمي، فيما السعودية تراهن على التميز في المجال الصناعي بنسخته الرابعة لا على المنافسة في المجال التقليدي للصناعة الذي يرتكز على وفرة الأيدي العاملة والمهارات الفنية المتوارثة والموارد الطبيعية المحلية غير المستدامة وغير القادرة على المنافسة.
تشكِّل المنتجات الجاهزة 76 في المائة من إجمالي الواردات في شهر يناير 2021، فيما تشكِّل المواد المكتملة جزئياً نحو 21 في المائة أي 97 من الاستهلاك المحلي مستورد من خارج السعودية، وأن المواد المكتملة جزئياً تشير إلى نشاط التجميع الصناعي لبناء منتجات كاملة، مثال مصنع سيارات ايسوزو الذي يقوم بتجميع الأجزاء المكونة لشاحنات ايسوزو، وكثير من المنتجات الصناعية حول العالم تتم بأسلوب التجميع.
يأتي استيراد الأسلحة في المركز الثالث بنسبة 10 في المائة من الواردات، ما جعل السعودية وفق رؤية الأمير محمد بن سلمان تصنيع 50 في المائة من الإنفاق العسكري بحلول 2030، ما جعل السعودية تتجه نحو إنشاء الهيئة العامة للصناعات العسكرية عام 2017 التي تهدف على تنظيم قطاع الصناعات العسكرية في السعودية وتطويره ومراقبة أدائه وإصدار تراخيص التصنيع للقطاعين العام والخاص المحلي والخارجي لإنشاء الصناعات العسكرية والصناعات المكملة لها في السعودية.
ومع ذلك لا ينظر لواقع التصنيع المحلي وربطه بالواردات بسبب وجود عمليات صناعية محلية كبيرة لا تعتمد على المواد الخام الخارجية، مثل الصناعات البتروكيماوية التي تعتمد على منتجات النفط والغاز المحلية خصوصا إذا ما وجدنا أن حجم نشاط الصادرات غير النفطية تشكل المنتجات الخام فيها 83 في المائة.
ليس فقط السعودية، بل أيضاً حتى أوربا تكافح من أجل اللحاق بالطبقة العليا من صانعي رقائق أشباه الموصلات، حيث وضعت أوربا لنفسها مضاعفة حصتها في سوق الرقائق العالمية بحلول 2030 ووضعت شركة إنتل نفسها في قلب هذه الطموحات، حيث ما زالت أوربا سمكة صغيرة نسبيا مقارنة بعمالقة صناعة الرقائق ولا سيما سامسونج في كوريا الجنوبية وتي إس إم سي TSMC التايوانية وإنتل بحصة سوقية تقل عن 10 في المائة.
** **
- أستاذ بجامعة أم القرى بمكة