رمضان جريدي العنزي
الضربان يعد حيواناً خرافياً من أساطير العرب يوصف بأنه حيوان أسود اللون وحجمه أكبر من الثعلب يمتهن نبش القبور كي يتغذى على جثث الموتى، هذا الحيوان بصره ضعيف لا يتعدى مجال رؤية أقل من ثلاثة أمتار وحجمه صغير، يمتلك قوة دفاع تتمثل برائحة طاردة قوية جداً تفرزها غدة عند مؤخرته، أن النبش والحفر من أعمال هذا الحيوان، وهي ممارسة سيئة قاسية وبغيضة وشنيعة، لقد أبتلي المجتمع ببعض النباشين الذين يمارسون هذه المهنة المستهجنة المعيبة بعيداً عن الأيمان والحكمة والكياسة والعقل والتعقل، كونهم قليلي حكمة وبعد نظر وفيهم جهل، إن لهؤلاء تركيبات نفسية معقدة، ولهم خدع وانتهازيات ومراوغات، صفات البهت تتداعى بهم، والرمادية تتستوطن أرواحهم، يمارسون على الناس أبشع أنواع الحفر والنبش، أساليبهم قاصرة، فكرهم أحادي، وتصرفهم بغيض، ويرسمون لأنفسهم صورًا مغايرة فذة ماجدة ونادرة، ينشرون نمائم منتقاة كاذبة، يحاولون دائمًا أن يبرزون أنفسهم كعارفين، ويحاولون رفع أنفسهم وغيرهم ممن يستهوون إلى مراتب سامية في التمجيد والتخليد والسؤدد، أن أصحاب الحفر والنبش، يجيدون صناعة اللغو والهدم والعبث، لهم تباين جلي في المواقف وفي الطرح والخطاب، أن أصحاب الحفر والنبش، يمشون على صراط دقيق غير واضح المعالم، لهم غايات ولا يدرون كيف يضعون أقدامهم على طريق الصواب في ظل تنافرهم وتباينهم الحاد، إنهم يخوضون معارك عبثية خانقة متشعبة وخطيرة، فكرهم جامد مثل بوابة خرسانية لا يمكن إزاحتها، والسبب الأساسي أنهم عجزوا عن فهم أداور الحياة النقية، وحقيقة الإنسان، ولم يدركوا أن الحياة ينبغي أن تكون في الوئام والسلام الروحي والود الاجتماعي والصفاء الأخلاقي، لا في اللغو والبهت وتأليف الروايات الغامضة ورسم الأشجار اليابسة، والسرد البغيض، بمعنى دقيق يجب على هؤلاء أن يفعلوا العقل والمنطق وتعاليم الدين القويم، وأن يكونوا صادقين مع أنفسهم أولاً، فعلاً وقولاً وعملاً والتزامًا وتطبيقًا، وليس مجرد دعاية مقنعة، أو مسرحية عبثية، إن أقوال وأفعال هؤلاء المتناقضة والمزدوجة لا علاقة لها بمنطق العقل، ولا منطق الوعي، ولا بأساليب الود والسلام، لكنه بريق السراب، أن فكر هؤلاء الواهن، هو الذي قادهم نحو منزلقات الضياع النفسي والخرف، نتيجة تأجير عقولهم للشيطان وأعوانه، ولأهداف دنيوية بحتة خارجة عن نطاق العقل والدين والمنطق، إن الولوغ في الأنفس والأعراض، وإيقادنيران الطبقية والعنصرية البغيضة من قبل هؤلاء لن يجنوا منها سوى الذنوب والتردي والانتكاسة في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، إن الماراثون المأساوي الذي يركضون فيه سيخسرونه، لأن أهدافهم غير راقية، وتطلعاتهم قاصرة، لا تؤطر لفكر، ولا تنشئ حياة نقية، من هنا لا بد لهؤلاء إن كان ما زالوا يملكون بعضًا من العقل، أن يبحثوا من جديد عن الصدق والأمانة في الطرح والنقل، وممارسة الحقيقة والوضوح، بعيداً عن الخداع والتلون والتقية لأهداف دنيوية بحتة، ولأنني أريد لهؤلاء خيراً وسلاماً واستقرارًا نفسياً وتمددًا في محيط النقاء، فإن عليهم صيانة أنفسهم من الانحرافات المزاجية، والنبش والحفر والتأليف والتلفيق، التي ستضعهم في صراع نفسي عقيم لا يجدي مطلقاً، لا في الدنيا ولا في الآخرة، ولن تنفعهم يوم يقوم الأشهاد لرب العالمين في يوم مقداره خمسون ألف سنة، أقنعتهم المزيفة، ولا أغطيتهم السميكة، ولا نبشهم ولا حفرهم، ولا رواجهم لعبثيات الدنيا الفانية، والذي لن يؤدي مطلقاً لهدف نبيل، أو غرض سليم، أو نتيجة باهرة، أن الكيس الفطن من يحسب لكل شيء حساب، وليعلم بأنه مقبل على يوم عظيم، يوم تشخص فيه القلوب، وتخفق فيه القلوب، وتختفي الأنساب والأحساب، يوم فيه أهوال: نفخ في الصور، وبعث وحشر، وعرض أعمال وتطاير الصحف وقراءة الكتاب، ميزان وصراط، فيا هؤلاء لا تغرنكم الدنيا، ولا يغرنكم بريقها ولهوها وعبثها وزخرفها فإنها فانية وستسألون عن كل شاردة وواردة وإن كانت مثقال ذرة، قال تعالى:
{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}.