عطية محمد عطية عقيلان
تعبر الأمثال في كثير من الأحيان على خبرة وتراكم السنين في التعامل بين الناس فيما بينهم ومع من حولهم من جماد ونبات وحيوان، وتظهر فيها كثيراً من الحكمة والدروس المستفادة للتعامل مع مختلف المواقف، ونتبادل في حياتنا ونطلع على كثير من مقولات الفلاسفة والمفكرين والمبدعين ورجال الاقتصاد، والجميل في هذه المقولات والأمثال أنها تعبر عن خلاصة فكر وخبرة القائل، وقال ابن جوزية إنه كلما ظهرت الأمثال ازداد المعنى ظهوراً ووضوحاً فالأمثال شواهد لمعنى المراد وهي خاصية العقل وابنه وثمرته، طبعاً تداول الأمثال والحكم نالها التحريف والزيادة والتشويه والبتر حسب المراد بها عند الاستشهاد بها ومع النقل نتداولها أحياناً مجتزئة دون أن نكمل المراد منها مثل «اتق شر من أحسنت إليه» وتكملتها «بمداومة الإحسان إليه» فالهدف هو مداومة الإحسان حتى ولو لم يتم شكرك أو العرفان لك بما تقدمه، لأن الأصل أن تقدم المعروف والإحسان ويكون طبعاً أصيلاً بك مهما كانت ردة فعل المحسن إليه.
ومن المقولات المفيدة لبرنادشو «العربة الفارغة أكثر ضجيجاً من الممتلئة»، وهذا نلمسه في كثير من أنفسنا أو من حولنا عند النقاش وتحول الفارغ إلى الجلد في الجدال أكثر من المثقف والفاهم، كذلك نتداول مثلاً يقال «الجود من الموجود» والأصح والمروي «الجود جهود» أي أن ما تبذله من جهد وبما تملكه من قدرات وعلاقات بعيداً عن التحجج فقط بالموجود. ولأهمية الأمثال ورد الاستشهاد بها في القرآن الكريم والسنة النبوية وذلك لأهمية تأثيرها في نفس المتلقي/ مع الوضع في الاعتبار أن ليس كل مثل أو مقولة تصلنا أو موجودة في الكتب هي صحيحة فقد تكون قيلت بسبب موقف سلبي أو تجربة شاذة لقائلها لا يمكن الاستفادة منها أو تطبيقها في حياتنا لذا وجب التنبه أن ليس كل مثل أو مقولة يمكن أن تكون مهمة أو مفيدة وهذا يستوجب التمحيص والتدقيق ومعرفة الوصول لخلفيتها لهذه العبرة أو الحكمة إن وجدت فيها.
ومن محاسن التطور والتكنولوجي وسهولة الحصول على المعلومة في وسائل التواصل الاجتماعي أن كثيراً من المنصات توجد مواقع لتداول هذه الأمثال والمقولات والانتفاع بها فهي خلاصة حياة طويلة لقائلها وتعبر عما يمر به من أحداث وقصص، وأختم بمثل معبر يقوله المزارعون في بلاد الشام «ما بيحن على العود غير قشره» أي أن المواقف الحقيقية والدعم والمساندة والوقفات تأتيك من الذين حولك من الأصدقاء والأقارب المحبين والمقربين لك كالقشرة لعوده، وبعضهم ينطبق عليهم مقولة بعض الأصدقاء كالسيوف بعضهم للحرب والآخر للعرضة فقط، فاهتم بمن يكون معك وقت حاجتك وضيقك وكن لهم أيضاً كما تحب أن يكونوا.