حمّاد بن حامد السالمي
* متى تدرك جماعة الإخوان المتأسلمين وما يتبعها من أذناب وأذيال، أن شيطانها التاريخي الذي ولد مع ولادتها في مصر، واقترن بمسيرتها الإرهابية لأكثر من تسعين سنة قد تخلى عنها..؟
* كل الشواهد تنطق وتقول بأن شيطان البنا وسيد قطب والهضيبي والتلمساني وأبا النصر ومشهور وصولًا إلى الترابي والقرضاوي وآخرين.. ثم الغنوشي في آخر المطاف.. هذا الشيطان العجيب الغريب ملّ ونفد صبره من هذه الطغمة الباغية، فهو الذي ما قصّر معهم يومًا في حبك الحيل، ودس الدسائس، وتصوير الأمر على أنه حكم وتحكم في البلاد والعباد، مع استخدام كافة الطرق البشعة، من قتل وسفك دماء، واغتيالات، وتضليل الناس، وتكفير المخالف، واستلاب الأموال، وتخريب الديار، والتدخل في شئون دول وشعوب؛ بحجة الدين والخلافة التي ماتت مع آخر خليفة عثماني في الحرب العالمية الأولى، حتى أنه ما إن ظن أن طيب رجب قردوغان يصلح لخلافة جديدة؛ حتى دلّهم عليه فتراموا تحت أقدامه يلعقون نعاله، ويتمسحون بأطرافه، لعله يصل بهم إلى خلافة جديدة على مقاسهم، فخيب ظنهم هذا الخليفة المنتظر، وتخلى عنهم، وخاب ظن شيطانهم فيه، كما خاب فيهم وفي زعماء دول ومتنفذين وممولين هنا وهناك، خسروا المعركة، وذهبت أموالهم وآمالهم أدراج الرياح.
* دبّر الإخوان الانقلابات التي أسموها: (الربيع العربي) بدافع من شيطانهم المريد، وبتعاون وثيق مع قوى ودول ودوائر استخبارية كافرة في الشرق والغرب، لا يرى فيها المكفراتية من جماعة الإخوان غير أنها ديمقراطية عادلة..! فتقاتل العرب فيما بينهم، في تونس ومصر وسورية واليمن وغيرها، ولم تثبت لإخوان الشيطان قدم؛ لا في مصر ولا في سورية أو اليمن، وسقطوا في السودان، وظل حزب النهضة في تونس يلعب على حبال التشرذم وضعف السلطة بعد حرق بو عزيزي، حتى تصور راشد الغنوشي أنه الحاكم بأمره، في بلد عربي علماني فرانكفوني التبعية منذ استقلاله، ويشاء الله ثم شيطان الإخوان أن يستيقظ رأس الهرم في تونس على أجراس خطر الانهيار الصحي والاقتصادي، ويكشف- وهو يعرف بكل تأكيد- فساد أعضاء حزب النهضة بقيادة الغنوشي ومن يتغانش معه، على حساب الشعب التونسي. ها هو عرش الغنوشي والنهضة في مهب رياح التغيير التي أخذت تعصف بآخر معاقل جماعة الإخوان، بينما يقف شيطانهم العتيد المريد يتفرج من قمة جبل (الشعانبي).
* ما أصبرك أيها الشيطان المتأخون.. تسعة عقود ونيف وأنت تعمل دون كلل أو ملل، فتؤسس الجماعة، وتنثر الفقاعات انطلاقًا من الجماعة الأم التي عاثت فسادًا في بلد المنشأ مصر، فقتلت وأرهبت مئات وآلاف الناس، فلم توفر زعيمًا ولا أديبًا أو مفكرًا أو حتى عضو فيها خالف منهجها. بدأت عملها خارج مصر في الخمسينيات الميلادية من القرن الفارط، فكان وجودها في السعودية وفي الكويت وفي كل بلد عربي حل فيه الهاربون من قصاص جمال عبد الناصر؛ وبالًا على الشباب الذين صدقوهم، وانخدعوا بخطابهم المضلل، الذي تسبب في ظهور (الصعويين)، الذين وفروا الغطاء الحركي والمالي لهذه الجماعة، حتى تمددت وانتشرت، وانبثق منها أكثر من جماعة في أكثر من قطر عربي وغير عربي مثل: جماعة الجهاد، وجماعة الدعوة والهجرة، وجماعة شباب محمد، والجماعة الإسلامية، إلى أن فرخوا لنا تنظيم القاعدة، ثم داعش. وقدموا أبشع رموز للإرهاب مثل: ابن لادن والظواهري وغيرهم كثير.
* أخلص شيطان الإخوان معهم طيلة العقود التسعة الفارطة؛ بأن جعلهم يجيدون اقتناص الفرص، فيستفيدوا من شيوع الحروب والفوضى والخراب والانهيارات الشاملة. مثل هذا الأمر؛ ظل ينعش هذه الجماعة الإرهابية المحبة للعنف والقتل باسم الدين، فيوفر لها فرصًا أوفر لاستخدام الدين بهدف حشد المشاعر الشعبية، ومن ثم تسييس الدين، وتحويله إلى سلاح أعمى. فالإخوان هم وحدهم تلك النواة التي شكلت ظاهرة اختطاف الدين وتسييسه في الوطن العربي، ثم لا يتورعون في خضم معاركهم الخاسرة؛ عن ضرب الدين والسياسة معًا، وتحويلهما إلى مفردات شكلية، وأدوات للصراع غير الواعي، وتغييب العقول، وإعاقة جهود التجديد والتحديث، فالإخوان هم من رسّخ باسم الدين؛ مفهوم الطاعة العمياء وسط أتباعهم في التنظيم، فصار التنظيم يدور حول مركزية ثنائية المرشد والجماعة.
* من يتتبع تاريخ هذه الجماعة؛ يجد أساليب شيطانهم الملازم لهم في كافة تفاصيل حياتهم وعملهم، فهم يستأثرون منذ نشأتهم بالنصيب الأكبر من المراوغة والتوظيف السياسي للدين، ويصرون على عدم قبول النقد، ويرفضون تفهم الدعوات المتكررة للانسجام مع مفهوم الوطن واللحمة الوطنية، ويرفضون كذلك؛ التخلي عن طقوس البيعة للمرشد، ولا يتوقفون عن الترويج لمفهوم الخلافة، فخطابها دائمًا؛ يقوم على استنهاض شكل هلامي ماضوي للدولة الإسلامية تحت عنوان الخلافة، وهو شكل سياسي دنيوي، مرتبط بالزمن والواقع والظروف التي أنتجته، ما يعني أنه: (معطى سياسي دنيوي غير قابل للتقديس).
* وحتى تنجلي صورة الموقف في تونس معقل آخر شراذم جماعة الإخوان الإرهابية؛ ونعرف مصير شيطانهم الذي يتخذ من قمة جبل (الشعانبي) معقله الأخير؛ فنحن على يقين تام؛ أن مبدأهم ومنهجهم لا يخرج عن إرادة شيطانية، هي كما قال ذات يوم الشيخ (محمد الغزالي) رحمه الله: (قم لأقعد مكانك). غايتهم فقط: (حكم سلطاني بقناع ديني). لا بأس عندهم من مصادرة الدين، أو سفك الدماء، وخراب الديار، وبيع الأوطان للأجنبي. لهذا فهم يتسللون إلى منافذ سياسية كما فعلوا في تونس؛ لهدم السياسة، وإلغاء قواعدها. لقد أثبتوا أنهم غير مؤهلين بنيوياً ولا فكرياً للشراكة والقبول بالتعددية في أي مجتمع، وزاد من سوئهم؛ أنهم مثلما احتكروا الدين؛ وخلطوا ما بين العقيدة والتطلع للوصول إلى سدة الحكم؛ يسعون إلى احتكار السياسة والنشاط الأهلي والنقابي ومقدرات الشعوب.
* لله در شاعر تونس الكبير (أبو القاسم الشابي).. لكني أراه يقف مشرفًا على قرطاج وحلق الواد، وهو يعبر عن إرادة عربية شاملة ضد الإخوان، وليس تونس فقط فيقول:
إذا الشّعْبُ يَوْمًا أرَادَ الْحَيَاةَ
فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَدَر
وَلا بُدَّ لِلَّيْلِ أنْ يَنْجَلِي
وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَنْكَسِر