سلمان بن محمد العُمري
يروي أحد الأصدقاء من رجال الأعمال عن تجربته الشخصية الجميلة التي تمتد لأكثر من ثلاثين عاماً وتستحق الالتفات من جميع الجوانب لأهميتها ولما فيها من الفوائد، ويلخص تجربته في التعريف بمبادرته الإيجابية منذ أن كان عضواً في أحد مجالس الغرف التجارية المتضمنة أنه عقد العزم ألا يحمل معه من الهدايا في سفره وخلال لقائه بالوفود الأجنبية سوى التمر مهما كانت جنسية أهل البلاد التي يتم زيارتها أو دينهم ومعتقدهم، ويقول إن التخزين والتغليف لم يكن لدينا بجودة عالية ولقد صممت لذلك علباً خاصة وطبعت عليها اسم المملكة والمنتج وبالطبع اسم مؤسستي الخاصة، ولا أخفيكم أنني تلقيت تعليقات ساخرة وتندر من بعض الزملاء في الغرف التجارية، ولكن المحصلة النهائية أنني تلقيت الشكر المباشر خلال أيام الزيارة، وعقب عودتنا بخطابات لازلت احتفظ بها، وتذكير شخصي بعد زيارة هذه الوفود لبلادنا، مما شجعني في الاستمرار بهذه العادة الطيبة إلى يومنا هذا، ولا أنسى في هذا المقام حرص عدد من كبار المسؤولين على أن يكون التمر الفاخر موجود في كل سفراتهم، ويوزع كهدايا باعتباره منتجاً وطنياً يفخر ويتفاخر به.
والقصص والروايات عن طلابنا المبتعثين ورجال الأعمال والسائحين وإقبال الناس على التمور لا يمكن عدها ولا حصرها، وهذا القبول عند المجتمعات المسلمة وغيرها، وأرى التمور من خير ما يقدم لما فيها من قيم غذائية ولما فيها من رمز لمجتمعنا وتحقيق سنن في إطعام المسلمين بها في بعض المواسم وخاصة في شهر رمضان المبارك.
وبلادنا ولله الحمد يتوافر بها إنتاج عالمي عالٍ من التمور يجعلها في مقدمة الدول المنتجة له، ولكن مع الأسف، إننا حتى الآن لم نعتني بتصنيع التمور وتعليبها وتغليفها واستخراج مجموعة من الصناعات الغذائية منها، كما أننا لم نولِ التسويق لهذا المنتج الزراعي الطيب الاهتمام والعناية التي تليق به، وما هو قائم جهود فردية لا ترتقي وحجم الإنتاج العام للتمور في المملكة.
وفقاً لإحصائيات المركز الوطني للتمور، فإن تمور المملكة وصلت وصدرت لما يزيد على مائة بلد حول العالم في العام المنصرم 2020 رغم أزمة كورونا، وهذا الرقم بلاشكٍ عالٍ، ولكن ما هي نسبة الصادرات وحجمها وقيمتها؟!.
الإحصاءات ذكرت أن الصادرات تجاوزت التسعمائة وسبعة وعشرين مليون ريال وإجمالي الصادرات تجاوز 215 ألف طن بزيادة 17% عن الأعوام السابقة، وهذا رقم مشجع أيضاً، ويتطلب المزيد من العمل على تفعيل التسويق الزراعي فالمملكة تنتج مليوناً ونصف المليون طن من التمور، ولا أظن أننا نستهلك نصف الإنتاج محلياً.
لقد سبق أن تناولت هذا الموضوع في مقالات سابقة، وقلت: إن منتج التمور أحد المنتجات المهمة التي لو تحقق العناية والاهتمام الكامل بتسويقها كما هو حاصل خلال مهرجانات التمور الداخلية، كمهرجان تمور مدينة بريدة وما حققه خلال السنوات الماضية؛ فسنجد الإقبال الكبير على تمورنا، وهذا يؤكد على أهمية العمل والتفكير واستلهام المخرجات بالتنظيم والتطوير كونه رافدًا اقتصاديًّا لجميع المناطق لما تحظى به التمور في مجتمعاتنا العربية والإسلامية من أهمية كبيرة؛ كونها ذات قيمة غذائية متميزة ومرتبطة بالشعائر الدينية، ولكني بحاجة إلى أن أؤكد ما قلته سابقًا بأننا لم نستطع تسويق تمورنا خارجيًّا حتى الآن، وأننا بحاجة لمهرجانات ومعارض خارجية؛ فتمورنا ذهب لم تُكتشف للعالم الخارجي بعد!.