خالد بن حمد المالك
إذا سلّمنا أن إيران تمثل مصدر الإرهاب الأول لدول المنطقة وللعالم، فإن الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكن أن تكون بريئة مما يحدث؛ فهي من سلمتها العراق، وتسامحت معها في تمويل وكلائها الإرهابيين في اليمن ولبنان وسوريا والعراق، لتصبح أذرعاً لها في زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، ومصدر خطر عن طريق تحريك هذه الميلشيات ضد كل دولة لا تنسجم مع أجندتها وسياساتها.
* *
وإذا استعرضنا مصادر القوة لدى الدولة الإيرانية، فإننا لا نستطيع استبعاد الولايات المتحدة، كدورها في قبول الرئيس الأمريكي الأسبق (أوباما) بالمفاعل النووي وفق اتفاقية مخادعة، وفيها من الثغرات ما فيها، واستغل النظام الإيراني هذه الثغرات في تهديد الأمن والسلام والاستقرار في العالم.
* *
ومع ما يثيره الصمت الأمريكي -أمام العدوان الإيراني على المملكة باستخدام عناصر الحوثيين في اليمن- من استغراب، فإن التحرك الأمريكي السريع في مواجهة العدوان الإيراني على الناقلة البحرية الإسرائيلية في بحر العرب يثير الاستغراب أيضاً، عند المقارنة بين حالة عدوانية واحدة، وبين حالات عدوانية يومية تتكرر منذ سنوات، دون أن يسأل الأمريكيون أنفسهم عن حجم الضرر الذي يلقي بتبعاته على مصالح المملكة، وما هو أبعد من المملكة.
* *
إيران تمثل تهديدًا لدول المنطقة، برًا وبحرًا وجوًا، إما مباشرة - وهي تنكر ذلك دائمًا - أو من خلال وكلائها الحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان، والحشد الشعبي وغيره في العراق، وما زالت دول العالم تتعامل معها بسياسة مرنة تعتمد على إرضائها بتقديم الإغراءات التي لا تجد أي قبول من القيادة الإيرانية، بل إنها تشجعها على توسيع عدوانها، وتنويع أساليبها الإرهابية، دون أن تفكر بأي عقوبة، بل إن هناك من يقف إلى جانبها من الدول نكاية بدول الغرب، وتحديدًا الولايات المتحدة الأمريكية.
* *
إذًا فالسياسة الأمريكية في التعامل مع إيران أضعفَ من هيبتها، وبخاصة مع تكرار توجيه صواريخ عملائها وطائراتها بدون طيار لقواعدها وسفارتها بالعراق، ملتزمة بثوابتها العدوانية، حتى مع وجود العقوبات الأمريكية، وتعنت إيران وإملاء شروطها لإلغاء هذه العقوبات للقبول بتعديلات شكلية في مشروع الاتفاق النووي المطروح تعديله في المناقشات مع إيران.
* *
إن إيران دولة مارقة ولاشك، ومن يقول غير هذا فهو يتعامى عن الحقيقة، ومن يعتقد أن هناك فرصة لإقناع النظام الإيراني لتكون طهران جزءًا من العالم السلمي المتحضر فهو واهم، فمنذ مجيء الخميني إلى سدة الحكم، وتاليًا الخامنئي، فإن السياسة الإيرانية التوسعية لم تتغير، بل إن الوجود الإيراني في العراق، وسيطرته على الأحزاب، وكسب ولائها إما بالقوة، أو القبول بالأمر الواقع، كرَّس هذه السياسة، ولأمريكا دور الأسد في تمكينها بذلك.
* *
ما يهمنا أن تكون منطقتنا في حالة استقرار، ولكي يتحقق ذلك فإن على دول العالم أن تعيد النظر في مواقفها وتعاونها مع إيران، وأن تضعها في حجمها الطبيعي، فقد طفح الكيل، وازداد الإرهاب، ولم يعد مقبولاً الصمت على الجرائم الإيرانية، أو التسليم بسياساتها العدوانية، أو شيطنتها التي زادت عن حدها، بما يجعل المواجهة معها ضرورية، اليوم قبل الغد، وفقًا للأعراف الدولية، والمواثيق التي تنظم العلاقات بين دول العالم، ولا يمكن أن تكون إيران حالة استثنائية.