تعد نشأة الفنون الجدارية منذ أقدم عصور البشرية، حيث رافقت الإنسان على مر الزمان، حيث وجدت على جدران الكهوف وفي سفوح الجبال الصخرية وعلى ألواح ضخمة واختلفت أدواتها وأساليبها، فوثقت الحياة والحضارة لتلك الأمم ووثقت الهندسة والأبجديات والتطور والازدهار والعبادات والحروب وغيرها.
واستمرت الجداريات في تطور مستمر حتى وصلت العصور الحديثة واستمدت تطور الأساليب والأدوات حتى أصبحت أعمالاً فنية وهندسية ذات طابع جمالي.
وارتبطت الجداريات غالباً بثقافة الفنان وثقافة المجتمع واستخدم فيها الكثير من أنواع المدارس الفنية الحديثة وتقنياتها المختلفة حتى بتنا نرى إبداعاً جدارياً ضخماً بنفس جودة اللوحات التشكيلية التقليدية.
وكونها نوعاً من أنواع الفن التشكيلي فقد تكون رسماً أو نحتاً أو حتى نوعاً من الفنون التجميعية وغيرها من الأساليب الفنية الحديثة.
أبدع التشكيليون في المملكة بالأعمال الجدارية المرتبطة بالمناسبات الوطنية وعبروا فيها عن فخرهم بقادتنا (حفظهم الله) وعن الحضارة والتراث في المملكة العربية السعودية وعن الإنجازات والتطور لتكون أعمالاً فنية ضخمة تثبت احترافيتهم الفنية واتقانهم المتميز.
كما أن مفردة الحرف العربي كانت حاضرة في جداريات المملكة في مختلف مدنها وشوارعها اعتزازاً بالانتماء وحفاظاً على الهوية وإبرازاً لجمال الحرف العربي الذي يتميز به عن باقي الحروف والأبجديات في شتى أنحاء العالم.
كما أن الزخارف التراثية أخذت نصيباً مميزاً في الجداريات من كالقط العسيري والزخارف النجدية وغيرها من الزخارف التراثية لتكون جزءًا من هوية بصرية في بعض المدن وشوارعها.
كما نجد أن مفردات فنية أخرى تمثل الاعتزاز والفخر والأصالة في تاريخ المملكة العربية السعودية كالصقور والخيول والإبل وجوداً لافتاً في الأعمال الجدارية أيضاً.
ونظراً لارتفاع مستوى الذائقة الفنية العام وزيادة الوعي الفني أصبحت الأعمال الفنية جزءاً مهماً في حياتنا اليومية وفي كل المجالات، وهذا ما جعل الجداريات تصبح أحد أهم العناصر الجمالية في فنون العمارة والديكور لتلقى انتشاراً واسعاً في المنازل والفنادق والأماكن الترفيهية العامة.
إضافة إلى وجود جداريات في العديد من الأنشطة التجارية مثل المقاهي والمطاعم والأسواق، وذلك لما له أثر كبير في جذب الناس لها.
إضافة إلى ذلك أصبحت الجداريات من وسائل الجذب السياحي الجمالي وتغذية بصرية لعامة الناس.
وفي نقطة أكررها دوماً لأهميتها وهي أن الفن التشكيلي هو رسائل بلغة عالمية موحدة لا تحتاج لترجمة أو شرح وتنقل الحضارات بين مختلف الثقافات العالمية نجد أن الجداريات هي رسائل ضخمة تزين معالم المدن وتنتقل من خلال الصور ووسائل التواصل وغيرها أو من خلال السياحة وروادها خصوصاً مع تطورها الملحوظ في المملكة على المستوى الداخلي والدولي ووجود ثقافات عديدة من مختلف أنحاء العالم لتعكس مدى عمق الحضارة في المنطقة ومدى التطور الفكري والثقافي والحضاري، كما أنها تنقل أيضاً القدرات العظيمة للشباب السعودي الذي راهن عليه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله وهممهم التي تعانق السحب.
** **
تويتر: @al_khafajiii