رحم الله العالم الموجه الوجيه، سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن بن يحيى الشريدة، الذي ودَّع الدنيا بأمر العزيز الحكيم، ليلة الجمعة وتمت الصلاة عليه عصر الجمعة، 1442/12/13هـ الساعة الرابعة والنصف في جامع الشيخ محمد بن عبد الوهاب (الخليج)، ودفن بمقبرة الموطأ الواقعة جنوب المقبرة الشمالية، الواقعة على طريق الملك فيصل، من الناحية الجنوبية.
والمرحوم الوجيه الموجه سليمان هو الابن الثاني للمرحوم والده عبدالله أول مدير لإدارة المياه بمنطقة القصيم والتي افتتحت بأمر من صاحب الجلالة الملك سعود بن عبد العزيز -رحمه الله- عام 1376هـ.
والمرحوم عبدالله محمد الشريدة والد المتوفى سليمان الذي عُيِّن بأمر من الملك سعود مديرًا للمياه بمنطقة القصيم، يقرأ ويكتب ولكنه لا يحمل مؤهلات علمية إلا أنه صاحب وجاهة ورأى سديد وخبرة ومعرفة بأمور الحياة خصوصًا الزراعة، فالمرحوم يحب المزارع ويعشق الزراعة، ومن أقدم سكان بريدة، الذين عملوا بالتجارة، وأسسوا المزارع، وكانت مزرعته كبيرة، ومشهورة، بإنتاج التمر خاصة الشقر والقمح، ببلدة قصيبا، التي كانت موردًا من موارد تجار القصيم (العقيلات)، فمنها ينطلقون إلى الشام والعراق ومصر، وتبعد عن بريدة حوالي ثمانين كم شمالاً.
والمرحوم سليمان عبدالله الشريدة الذي توفي بسبب كورونا، أدخل على إثرها العناية المركزية، وفارق الحياة ليلة الجمعة 1442/12/13هـ، من مواليد مدينة بريدة، وكانت ولادته سنة 1360هـ، قد تزيد أو تنقص سنة، أو سنتين، وخواله هم أعمامه، ووالدته المرحومة نصرة بنت فهد بن عبدالرحمن الشريدة، من أطيب نساء ذلك الزمن، كرمًا وخلقًا ومعرفة بشؤون الحياة، أما والده عبدالله فكان صاحب رأي ومعرفة بالحياة، ومن وجهاء المدينة، الذين يضربون في الأرض ويعتمدون على أنفسهم بالمتاجرة والبيع والشراء، خصوصًا بالإبل والمواشي، تجارة العوائل الكبيرة بالقصيم في ذلك الزمن، كان -رحمه الله- مزواجًا تزوج من ثلاث نساء، قدوته النبي -صلى الله عليه وسلم، والذي يقول: (حبب إليَّ من دنياكم النساء، والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة)، وجميع زوجاته من أسر بريدة المعروفين، وأنجبن منه البنين والبنات، منهم من عمل بوظائف الدولة، ومنهم من عمل بالتجارة، نحسبهم والله حسيبهم، من الذين قال عنهم: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
وكان والد المرحوم يسكن مع أسرته ببيت واحد جنوب شرق مسجد حسين العرفج، (الجردة سابقًا) ثم انتقلوا إلى حي الصفراء، بعد ما بنى أربع فلل، غرب نادي التعاون، حين افتتح صندوق التنمية العقاري، بتاريخ 1394/5/11هـ الموافق 11 يوليو 1975م، والذي بدأ نشاطه بتقديم قروض غير ربحية، لمساعدة المواطنين على إقامة مساكن خاصة بهم، مع بداية عام 1395هـ وبرأسمال قدره مائتان وخمسون مليون ريال، وكان سببًا رئيسًا في تحسين أحوال الناس المادية والاجتماعية، ومع افتتاحه استغنى الكثير من المواطنين عن بناء البيوت الطينية والبيوت الشعبية.
درس المرحوم الأستاذ سليمان العبدالله الشريدة بالمدرسة المنصورية ببريدة، ثاني مدرسة تُفتح بمدينة بريدة، وتخرَّج منها حاصلاً على الشهادة الابتدائية، عام 1373–1374 ليواصل تعليمه بالمعهد العلمى ببريدة، وحصل على شهادة المعهد عام 1378–1379هـ أهلته للاتحاق بكلية اللغة العربية بالرياض، والتي تخرج منها عام 1382–1383هـ بعد أن حصل على شهادة بكالوريوس اللغة العربية من كلية اللغة العربية بالرياض، والتي أمر الملك سعود -رحمه الله- بافتتاحها مع كلية الشريعة بالرياض عام 1373هـ لتشكل نواة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، التي طورت بأمر من الملك خالد بن عبدالعزيز -رحمه الله- عام 1394هـ1974م بعد أن أصدر أمراً بفتح كليات جديدة، ككلية العلوم الاجتماعية وكلية أصول الدين، وضمها لبعضها، لتشكل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومقرها الرياض، وفتحت فروع لها ببعض المناطق كالقصيم والجنوب والمدينة المنورة.
تخرَّج المرحوم سليمان بن عبدالله الشريدة (أبو فهد) من كلية اللغة العربية، وتعين معلمًا بمعهد إعداد المعلمين القديم، بمدينة بريدة مدرسًا للغة العربية، والذي افتتح لتدريس طلاب المرحلة الابتدائية عام 1373هـ بأمر من جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز -رحمه الله- أصدر أوامره بتحويل المديرية العامة للمعارف إلى وزارة المعارف برقم 5/2/26 4950، وتعيين صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبدالعزيز وزيراً للمعارف، فكان -رحمه الله- أول وزير للمعارف، وأول قرار يتخذه الوزير الجديد، الأمير فهد بن عبدالعزيز، تأسيس معاهد لإعداد المعلمين للمرحلة الابتدائية بمناطق المملكة عام 1373هـ، يلتحق بها الحاصلون على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية، وفي عام 1375هـ أمر بفتح معاهد معلمين ليلية، بهدف رفع مستوى وتأهيل المعلمين غير التربويين.
ظلت هذه المعاهد تعمل حتى عام 1387/1386هـ، وبأمر من الملك فيصل -رحمه الله- أثناء وزارة الشيخ حسن آل الشيخ، طورت هذه المعاهد، وصارت لا تقبل إلا خريجي الكفاءة المتوسطة والدراسة فيها لمدة ثلاث سنوات يتخرج منها الطالب معلمًا للمرحلة الابتدائية، وظلت هذه المعاهد تخرج المعلمين حتى 1400/1399 هـ، وبأمر من الملك خالد وأثناء وزارة الدكتور عبدالعزيز الخويطر، تحولت هذه المعاهد إلى كليات متوسطة تخرج المعلمين التربويين للتدريس بالمراحل الابتدائية.
** **
علي محمد إبراهيم الربدي - القصيم/ بريدة