علي الصحن
جربنا كل الحلول، وتحظى رياضتنا بدعم هائل من القيادة الرشيدة، ومع ذلك ما زالت ألعابنا ولاعبونا يعودون من الأولمبياد بخفي حنين، وفي كل مرة ننتظر ماذا سيحدث بعد أربع سنوات، ونبحث عن حلول تضع أحد ممثلينا يصعد على منصة التتويج، وفي هذا الصدد تعود بنا الذاكرة مثلاً إلى ما أعلِن عنه في يونيو 2009 تحت مسمى برنامج الصقر الأولمبي، الذي كان يهدف إلى الإعداد لأولمبياد لندن 2012 وضمن مشاركة فاعلة للألعاب السعودية، ولكن البرنامج بدأ وانتهى دون جديد، ودون تحقيق شيء يشفى لظى الانتظار الطويل.
هنا أعتقد أن بداية التصحيح يجب أن تكون في الأندية، فهي النواة التي تنطلق منها الألعاب ويبدأ فيها اللاعبون، وقد كتبت في هذه الزاوية في مارس 2016 «أن إعادة دراسة واقع الأندية السعودية وتصنيفها يجب أن يكون البوابة الأولى التي تنتقل منها الألعاب السعودية من مرحلة المشاركة وتسجيل الحضور في المنافسات الدولية إلى مرحلة المنافسة وتحقيق الألقاب والميداليات، ولن أفرط في التفاؤل، ولكن أقول إن حال الأندية اليوم وعجزها عن تسيير أمورها المالية وانتظارها الإعانة المالية من الدولة وهبات بعض الشرفيين والداعمين لن يحقق ولن يضيف شيئاً على المدى البعيد، الأندية اليوم يجب أن تنتقل إلى مرحلة التفكير الاقتصادي الجاد الذي يضمن تقديم الخدمة بكفاءة وفاعلية (المنافسة والبطولات) وعوائد إضافية (الأرباح).. وهذا لن يتم من خلال الإدارة الحالية للأندية ولا سيما غير الجماهيرية منها.
تفعيل الأندية التجارية وأندية الشركات والمراكز الرياضية المتخصصة، يجب أن يكون واقعاً خلال المدى القصير، والنادي الذي يسجل أكثر من (10) ألعاب يجب أن يكون من الماضي إلا إذا كان منافساً حقيقياً عليها، والأمر يجب أن يخرج من ربقة المكاتب والدراسات والأوراق إلى أرض الواقع اليوم قبل الغد، مع فتح المجال للشركات ورجال الأعمال في تأسيس أندية تجارية تمنح حق المشاركة في بطولات الاتحادات المختلفة وأزعم هنا أنها ستسهم في تطوير جميع الألعاب والدفع بها للأمام.. لأنها تملك أمرين مهمين يحتاجهما أي مشروع.. المال والتخصص، الألعاب الفردية تتحول إلى مراكز متخصصة بكل لعبة مقابل رسوم مناسبة مع السماح للأندية القائمة حالياً والمنافسة بشكل حقيقي بالاستمرارية وفق اشتراطات ومعايير تحدد أطر مشاركتها واستمرار وجودها في المستقبل.
الأندية الحالية.. مثل نادٍ في الرياض أو الشرقية أو القصيم وغير منافس في أي لعبة غير كرة القدم - إن كان منافساً - ويملك مقراً نموذجياً، لماذا لا يتخصص في لعبة أو لعبتين وباقي المنشآت تؤجر بإشراف من الوزارة والجهات المختصة على الشركات الراغبة في دخول المنافسات الرياضية؟
الأندية في المحافظات لماذا لا تستفيد من ملاعبها التي تتوقف فيها الحياة في بعض الأحيان أكثر من (7) أشهر، وتؤجر هذه الملاعب على الجهات الراغبة في ذلك وتستفيد من الإيرادات في تطوير الألعاب الفردية التي يمكن تطويرها وتقديم نجوم مميزين من خلالها؟
الموارد البشرية هي الأهم تخصص من خلال إيرادات الأندية ورسوم تسجيلها في المستقبل مبالغ كافية لتطويرها وتدريبها وتهيئتها للإدارة الرياضية الحقيقية بدلاً من الاجتهادات القائمة حالياً في معظم الأندية والتي يتولى متطوعون غير متخصصين أعمال إدارتها.. وهم أُناس يشكرون على كل حال.. لكننا في الزمن يكون فيه السؤال الأول: ما النتيجة وما العائد من هذا الجهد والعمل؟».
إننا بعد كل نهاية مشاركة أولمبية نبحث عن حل وقد مرت السنوات دون أن نهتدي إليه، ونعجز عن اكتشاف الأسباب الحقيقية التي تجعلنا غائبين عن مشهد التتويج العالمي، ندور في نفس الحلقة، يتم الإعلان عن برامج جديدة أو تعيينات جديدة وعن آليات عمل وخطط جديدة، لكن أياً منها لم يحقق الأمل، السؤال هنا من المسؤول عن هذا الوضع لألعابنا وحضورنا في الألعاب الأولمبية؟ هل اللجنة الأولمبية ذاتها؟ هل هي اتحادات الألعاب المختلفة؟ هل هي الأندية التي يفترض أنها من يقدم اللاعبين في كل الألعاب، لكنها تركت ذلك وصبت كل اهتمامها بلعبة واحدة توجه لها نسبة تزيد عن الـ 99 في المائة من إيرادات النادي؟، هل هو سقف الطموح لدى الرياضيين من مسؤولين ولاعبين؟، هل هو الشركات وبيوت المال التي يجب أن تستشعر دورها في الاستثمار في رياضة الوطن، والمساهمة على نحو ما في تحقيق طموحات محبيها؟
إن الشارع الرياضي يؤمن بما يسعى إليه سمو وزير الرياضة، ويرى حرصه وقربه من الشأن الرياضي ومتابعته لكل شأن فيه، ويدرك أن سموه وفرق العمل معه تسعى إلى تحقيق النجاح، والوصول إلى الهدف، لكن هذا لا يكفي، فالأندية أيضاً يجب أن تستشعر دورها في هذا الجانب، وأن تحرص على التركيز على ألعاب معينة تستطيع من خلالها تقديم المفيد وما يسهم في تحقيق النجاح، وأن تحاول تجاوز الوضع الحالي حيث توجد ألعاب كثيرة في كل نادٍ لكن أياً منها لا يجد الاهتمام المطلوب.
والإعلام الرياضي يجب أيضاً أن يكون يداً مساهمة في الوصول إلى الهدف، وأن يقدم برامج متخصصة ثرية تضيف إلى الألعاب المختلفة، يعدها ويشارك بها متخصصون متعلمون يقدمون أطروحات إيجابية تضيف للمشاهد، بدلاً مما نشاهده حالياً لا سيما من نقاد يحركهم الميول عند الحديث عن أي شأن، ولا يمكن أن يحققوا أي إضافة للمشاهد.
علينا بالانتظار من جديد لكن مساحة الانتظار يجب أن تكون حافلة بالعمل والخطط والسعي الجاد لتحقيق الهدف، وليس مجرد وعود تبرد مع مرور الزمن.