محمد سليمان العنقري
انتشار ممارسة الرياضة ضرورة لتحسين صحة المجتمعات وبوابة كبيرة لجذب الاستثمارات لهذا السوق الذي لا يتوقف عن النمو خصوصاً في المجتمعات الفتية كالمجتمع السعودي، حيث تصل نسبة من تقل أعمارهم عن 30 عاماً حوالي 65 بالمائة ولعل أحد أهم معايير قياس مدى نجاح الإنفاق وتأثير الاستثمارات على الرياضة ما يتحقق من نتائج بالمشاركات الخارجية بالبطولات الدولية عموماً والكبرى على وجه الخصوص. وإذا كان تأسيس الأندية الرياضية وبناء المنشآت الرياضية من ملاعب وصالات تدريب يعد من أساسيات تهيئة البنية التحتية حتى يتم استقطاب المواهب من الشباب لتأهيلهم وفق هواياتهم الرياضية إلا أن ذلك لا يكفي للوصول لتحقيق نتائج بالمحافل الدولية ما لم يتم وضع إستراتيجية وأهداف واضحة.
بداية فإن الاهتمام بالرياضة يشمل مختلف الألعاب وقد تكون كرة القدم هي التي تحظى بنصيب الأسد من الاهتمام محلياً وعالمياً كونها اللعبة الشعبية الأولى بالعالم واستطاعت المملكة تحقيق إنجازات عديدة كبطولات قارية أو مشاركات دولية على مستوى المنتخبات والأندية لكن بقية الألعاب لا ترتقي لما تحقق في كرة القدم والمقياس المشاركات بالبطولات الدولية الكبرى. وفي الوقت الحالي تُقام واحدة من أهم الفعاليات الرياضية بالعالم؛ وهي المسابقات الأولمبية التي تستضيفها طوكيو عاصمة اليابان وشاركت المملكة بأكبر بعثة بتاريخها منذ مشاركتها الأولمبية الأولى في ميونيخ 1972م إلا أن النتائج كانت دون المأمول، حيث خرج جميع المشاركين من الأدوار الأولى ومن تقدّم منهم حقق مراكز متوسطة، أي لم يصل أي مشارك لمرحلة المنافسة على الميداليات الثلاث بأي لعبة باستثناء لاعب رفع الأثقال الذي حقق المركز الخامس، فيما خرج الكثير منهم من الدور الأول للمسابقات ولم يتبق إلا لاعب واحد بالمسابقات حتى تاريخ كتابة هذا المقال، وهو مؤشر على عدم الاستعداد الجيد لهذا المحفل الدولي الأكبر لكل الألعاب الرياضية بالعالم، فيما نجد دولاً أقل بالإمكانيات وبعدد السكان وحققت العديد من الميداليات وهو ما يفتح التساؤل حول ضعف المشاركة السعودية من حيث النتائج، ولماذا لا تنتشر الرياضات الفردية تحديداً بالمجتمع، فالأولمبياد ميزتها بهذه الرياضيات الفردية من ألعاب قوى وألعاب قتالية ورفع أثقال وسباحة وغيرها.
فهذه المشاركة لفتت النظر إلى واقع الألعاب الرياضية عموماً باستثناء كرة القدم وطرحت التساؤلات حول دور الاتحادات المسؤولة عن هذه الألعاب ماذا أنجزت طوال السنوات الطويلة الماضية؟ ولماذا لا تنتشر الألعاب الفردية وبعض الألعاب الجماعية غير كرة القدم بمستوى واسع ولا يكون ظهور بعض اللاعبين فيها أو بعض المنتخبات بكرة اليد أو الطائرة أو السلة استثناء؟ فالاستدامة تتحقق من الاستقطاب الدائم للمواهب وبإقامة البطولات المحلية المكثفة وبتحفيز مالي مناسب وبتوفير مدربين عالميين ينقلون الخبرات للداخل ويكتشفون ويطورون المواهب فلا يمكن النظر للمشاركة الحالية على أنها كسابقاتها لأن الرياضة بالمملكة تطويرها والنهوض بها بمختلف الألعاب أحد أهداف رؤية 2030 واعتمدت العديد من المبادرات لتحقيق الأهداف المرصودة بالرؤية وبما أن المملكة ستستضيف دورة الألعاب الآسيوية العام 2034م وهذا يتطلب استعدادات كبيرة من وقتنا الحاضر، فتأهيل النشء من هذا العام مهم لأنه سيتم تأهيل من سيشاركون في هذه الدورة بعد 13 عاماً، فالمشاركون المستهدفون أعمارهم حالياً ما بين 5 إلى 15 عاماً وستكون أعمارهم في حينها بين 18 إلى 28 عاماً بالمجمل ولذلك فإن وضع خطة لاستقطاب المواهب وتأهيلها ينعكس أيضاً على مشاركات فرقنا ولاعبينا بالبطولات الدولية مستقبلاً من هذه الأجيال، أما على المدى القريب وتحديداً لدورة الأولمبياد القادمة عام 2024 فإن الاستعداد من الضروري أن يبدأ من هذا العام فمن حققوا ميداليات بالبطولات الأولمبية من كل الدول جرى إعدادهم لسنوات حتى حققوا هذه الإنجازات.
الدولة تهتم بالرياضة وتحظى بدعم من القيادة وتم توفير إمكانيات كبيرة من المنشآت والتجهيزات الرياضية بكافة مناطق ومدن المملكة وترصد موازنات كافية لتحقيق أفضل النتائج والمشاركات ولا بد أن تمثِّل دورة طوكيو منعطفاً مفصلياً بتاريخ الألعاب الرياضية بالمملكة ومعالجة القصور الذي أدى لهذه النتائج التي لا تليق باسم المملكة ولا إمكانياتها المتوفرة لقطاع الشباب فمن غير المعقول أن يقول أحد مسؤولي الجهاز الفني للمنتخب الأولمبي لكرة القدم أن المنتخب «قدم مستويات جيدة رغم الهزائم» فما قيمة المستوى والنتيجة هي خسارة المباريات الثلاث فهل طموح الجهاز الفني كان المستوى أو المشاركة بحد ذاتها أم النتائج التي تحدد مسارك بالبطولة.