سمر المقرن
اطلعت على دراسة حديثة بعنوان: «الاتجاهات العالمية للعنف عبر الانترنت ضد الصحافيات».. والتي قادتها الدكتورة جولي بوسيتي مديرة الأبحاث العالمية في المركز الدولي للصحفيين لصالح اليونسكو. تأكد فيها أن التحرش الجنسي والإيذاء ضد الصحفيات عبر الانترنت في تزايد، كما أكدت الدراسة تعرض نصف الصحافيات العربيات اللواتي شاركن باستطلاع للرأي أنهن واجهن هجمات نشأت -تحديداً- عبر الانترنت!
المشكلة ليست وليدة اللحظة ولكن جذورها ضربت في عالم الصحافة حتى قبل ظهور الانترنت. وفي دراسة أخرى سابقة للمركز الدولي للصحفيين أجريت بغرض إلقاء الضوء على المأساة في محاولة لإيجاد حلول لها والقضاء عليها لتوصيف المشكلة ومواجهتها ووضع الحلول للقضاء عليها، أشارت أن العنف عبر الانترنت يشمل تهديدات بالاعتداء الجنسي والقتل والإساءة وانتهاك الخصوصية، وتواصل الهجمات والهاكرز اختراق صفحاتهن الشخصية كل ذلك لصالح جهات معنية تستهدف اسكات الصحفيات وإقلاعهن عن النقد الحاد وكشف العيوب ضد بعض المؤسسات والشركات مما يضطررن للسكوت أو ترك المهنة نهائيا!
تزايدت مستويات العنف والتحرش والتهديدات ضد الصحافيات مع انتشار جائحة كورونا، وشملت اتهامات بعدم المهنية والإساءة للمظهر والجنس ونشر مقاطع جنسية مفبركة والتشكيك في مصداقية الصحافيات أيضاً بحسب ما ورد في الدراسة.
وعلى الصعيد العالمي، حدث ذلك مع عدد من الصحافيات ومنهن الفرنسية نادية درام التي تم اختراق بريدها الالكتروني وتسجيلها في مواقع إباحية ونشر عنوان منزلها، والهندية رنا أيوب مؤلفة كتاب (ملفات غوجارت) والفلبينية ماريا روسا التي تلقت تهديدات وتحرشات أيضاً وكذلك الصحفية الانجليزية لورا كوينسبرغ وغيرهن حول العالم.
من وجهة نظري الشخصية، أن العنف والتحرش ضد الصحفيات على الانترنت ينتشر بشكل متزايد يمثل تهديداً حقيقاً لمشاركة النساء في الصحافة والتواصل العام في العصر الرقمي وتهديداً صارخاً لحرية التعبير والمساواة بين الجنسين، وتحت وطأة التحرش والابتزاز عبر الانترنت صمت البعض منهن أو انسحبن من الساحة الصحفية أو أغلقن صفحاتهن على مواقع التواصل الاجتماعي، بل وترك وظائفهن الصحفية للهروب من نيران حرب التحرش عبر الانترنت مثخنات بجراح أمراض نفسية نتيجة القهر والظلم اللذين تعرضن لهما!
وللمساهمة في حل تلك المشكلة مهم أن تبادر شركات التكنولوجيا العالمية التي ترفع شعار حرية التعبير، باتخاذ إجراءات أكثر صرامة لحماية الصحافيات، فهي مشكلة عالمية لسن قوانين جديدة توازن بين الحق في حرية التعبير وعدم تعريضهن للابتزاز والتحرش عبر الانترنت، وأطالب منصات التواصل الاجتماعي بحذف او تقييد المحتوى المسيء ضد الصحفيات.
ومن خلال حملة (لن أبقى صامتة) أتصور أن المرأة الصحافية ستكون أكثر شجاعة في مواجهة هذه التحديات، وستظل الصحفيات منبراً للحرية رغم التحرش والتهديد والابتزاز.
مع كل ما رأيته من خلال اطلاعي على هذه الحملة والدراسات القديمة والجديدة المعنية بذات الموضوع، أرى أننا في المملكة نعتبر الأقل تعرضاً لمثل هذه المشكلات نظراً لوجود قوانين صارمة للجرائم الالكترونية تقف في وجه كل من يحاول العبث مع النساء.