يقول الشاعر:
مَضى غَيرَ مَذمومٍ فَأَصبَحَ ذِكرُهُ
حُلِيَّ القَوافي بَينَ راثٍ وَمادِحِ
إن من أصعب الأشياء الكتابة عن شخص كان ملء السمع والبصر في مجتمع المملكة، لكن يقول العلماء: ما لا يدرك كله لا يترك جله. إنه الشيخ ثنيان الفهد الذي رحل في نفس تاريخ رحيل ابنه عبدالعزيز، جمعهما الله بالجنة.
الميلاد والنشأة: ولد بعد 1333هـ وكانت أمه من عائلة البكر وهم اخوال سماحة الشيخ العلامة عبدالله بن حميد، حيث ان الشيخ عبدالله بن حميد تربى عند اخواله وكانت والدته امرأة صالحة تعطي الفقراء وتحرم أبناءها، فرزق الله ابناءها المال والجاه، رحم الله من توفي وحفظ الاحياء.
الحياة العملية:
يقول الشاعر:
فإنما رجل الدنيا وواحدها
من لا يعولُ في الدنيا على رجلِ
فهذا البيت يمثل حياته العملية.
تعلم القراءة والكتابة ثم عمل عند سمو الأميرة حصة السديري والدة الملك فهد وكانت تقول: ثنيان واحد من عيالي. وعمل مع ابنائها. يقول صاحب السمو الملكي الامير نايف: من اكثر الناس امانة وقد سألته عن عمله فقال لي انا لم اعمل بالحكومة عملت مع اصحاب السمو.
ثم عمل بالتجارة فصار رئيس شركة الجبس وساهم في كهرباء الرياض وشركة الغاز ومصرف الراجحي وجريدة الجزيرة وكان محمود السيرة في كل الاعمال التي تولاها.
الأمانة:
يقول الشاعر:
أَرْعى الأمانةَ لا أَخُونُ أمانتي
إِن الخَؤُونَ على الطريقِ الأنكبِ
كان من أكثر الناس امانة كما يقول الامير، ولا أدل على هذا من انه صار وكيلاً عن كبار المسؤولين، وكان شديد الحرص على اموالهم إلى ان توفي الملايين أمامه لو أخذ فلا احد يدري، ولكنها الأمانة فكان ينمي الاموال في شركات الاسهم وفي غيرها.
الكرم:
يقول الإمام الشافعي
تَسَتَّر بِالسَخاءِ فَكُلُّ عَيبٍ
يُغَطّيهِ كَما قيلَ السَخاءُ
باب الشيخ ثنيان لا يغلق، الغداء والعشاء مع الناس، وإذا أقام وليمة تكون أكثر الأحيان في العمارية في مزرعته المحببة، وقد اقام عدداً من الولائم منها وليمة لصاحب السمو الملكي فيصل بن مشعل أمير منطقة القصيم وغيرها كثير.
ودئما يأتي أناس له ويطلبون تمراً وغيره فيعطيهم بنفس راضية، قال صلى الله عليه وسلم: ( مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفاً).
رواه البخاري ( 1374 ) ومسلم ( 1010)
وكان صلى الله عليه وسلم من أكرم الناس، عن ابن عباس رضي الله عنه قال [كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس وأجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه كل ليلة في رمضان فيدارسه القرآن فرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود من الريح المرسلة] رواه البخاري.
والكرم ليس مرتبطاً بالمال، فجدي علي بن صالح أباالخيل (العثيم) رحمه الله وعمي عبدالله بن صالح اباالخيل رئيس هيئة الروضة في مدينة الرياض فهذه خصلة لا علاقة لها بثروة الشخص
الوفاء:
يقول الشاعر:
وجربنا وجرب أولونا
فلا شيء أعز من الوفاء
أذكر أن معالي الدكتور إبراهيم العواجي زاره بعد أن ترك المنصب، فقال له توعدنا على الغداء أو العشاء، وأثنى عليه، وكان الشيخ عبدالله الحقيل أمين دارة الملك عبدالعزيز سابقًا رحمه الله موجوداً، فمدح الدكتور إبراهيم، وهذا يدل على الوفاء.
أذكر أن أحد التجار كان يتعشى يومياً عند أحد المسؤولين فلما أعفي بناء على طلبه لم يزره إلا بعض الأحيان، نسأل الله العافية.
السعي في خدمة الناس: كان يهتم بقضايا الناس ويسعى في مخاطبة الجهات الحكومية والمسؤولين ومنها مشكلة السوسة الحمراء وكان مهتماً بها، وأذكر أنه كان يثني على اهل القصيم لانهم من اوائل من تحدث عن هذه المشكلة.
الثقافة:
وكان يملك ثقافة واسعة، حريصاً على مطالعة الصحف وقراءة الكتب ويملك مكتبة كبيرة جداً قال الشاعر:
أَعَزُّ مَكانٍ في الدُنى سَرجُ سابِحٍ
وَخَيرُ جَليسٍ في الزَمانِ كِتابُ
كما أنه رأى الاحداث العالمية كالحرب العالمية الثانية وغيرها حيث عاش بين ابناء الملك عبدالعزيز فهو يملك مخزوناً هائلاً من الثقافة والتاريخ وكم اتمنى من ابنه البار فهد ان يدون الأحداث التي عاشها والده ووعاها كذلك نرجو من دارة الملك عبدالعزيز الاهتمام بتاريخه.
السياحة الداخلية:
كان يقضي اجازة العيد في اكثر الاحيان في المنطقة الشرقية وكان لا يسافر خارج المملكة خصوصًا في آخر عمره مع القدرة على ذلك.
الأزمات:
يقول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لابنه فهد إذا أتى على الوالد أو اعمامك اي شي اخبرني. وكان مهتماً بهم ويسميهم المحاربين القدامى وقد مر بعدد من الأزمات ومن اهمها وفاة ابنه عبدالعزيز رحمه الله، ثم بعدد من الأزمات الصحية حيث كان يعاني خصوصًا من مشاكل القلب،
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له).
وفاته:
وصلتني هذه الرسالة من ابنه البار: «إنا لله وإنا إليه راجعون».. إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا على فِراقك يا والدي لمحزونون. انتقل إلى رحمة الله والدي ثنيان بن فهد الثنيان وسوف يصلى عليه إن شاء الله اليوم الاحد في جامع الملك خالد بعد صلاة العصر والدفن في مقبرة العمارية.
أدعو الله ان يغفر له ويرحمه ويجعل قبره روضة من رياض الجنة ويسكنه الفردوس الأعلى ويحلله ويبيحه ويجعل ما أصابه تكفيراً له.
الذرية:
متزوج من أسرة الشويعر وله 1- فهد 2- عبدالعزيز رحمه الله وعدد من البنات، لقد أعطي الشيخ ثنيان أشياء أعتقد أن خلفها عملاً صالحاً لا يعلمه أحد، منها انه تجاوز المائة عام ومنها الابن الصالح الذي كان شديد البر بوالده ومن مظاهر هذا البر الحرص على كل ما يهم والده، فلقد رأيته يسأل الأطباء ما هو الأفضل هذا الدواء أم ذاك؟ واهتمامه بمزرعة والده والاشراف على مناسبات والده، وترك السفر من أجل والده ومرافقة والده في اكثر الاحيان والتواصل مع اصدقائه، وهو رجل حسن الاخلاق يشارك الناس افراحهم وأحزانهم وكان حضوره زواجي شيئاً لا انساه، وهو يملك كثيراً من المهارات خصوصًا في الامور التجارية وشارك مع الغرفة التجارية في الرياض في كثير من النشاطات والمعارض. نأمل من الغرفة التجارية في الرياض تكريمه.
وفي أيام العزاء رأيته يقبل يد هذا ويقبل رأس هذا. قد يقول قائل أنا أفعل ذلك اذا كان والدي ثرياً. أقول لقد رأيت أبناء الأثرياء تعج بهم المحاكم، حجر وعقوق، نسأل الله العافية.
ملاحظات:
*معالي الشيخ سعد الشثري كان هو الإمام في صلاة العصر والجنازة على الشيخ ثنيان، وكذلك تواجد طيلة أيام العزاء وكذلك الأستاذ الحبيب بندر العامري كان متواجداً في المسجد وطيلة أيام العزاء.
ونسأل الله أن يغفر له ويرحمه ويعلي منزلته في جنات النعيم.
والعزاء إلى ابنه وزوجته وبناته وإلى آل حوشان والشويعر والمديميغ.
** **
- عبدالرحمن بن علي أباالخيل