رجاء العتيبي
حتى الآن ما زالت مشكلة الشخصيات الدرامية في أعمالنا المحلية، تمثل مشكلة عويصة، أبرزها (الكركرترات) النمطية التي يكررها بعض الممثلين، حتى باتت ملازمة له في كل عمل يعمله، ويركبها على كل الأحداث، ورغم أنها بدأت تتلاشى بفعل وعي المشاهد، وما واجهته من نقد مستمر، إلا أن البعض ما زال يتعامل بها حتى اليوم.
مشكلة أخرى أن الشخصيات الدرامية، لم تتخلص من طبيعة الممثل العادية، فلا يتغير الممثل في كل شخصية (يمثلها)، فيأخذ الدور بشخصيته الحقيقية، وليس الشخصية الدرامية، فتطغى شخصيته الحقيقية، على كل شخصية درامية يلعبها، أما المشكلة الأخرى فإن الشخصيات الدرامية غير واضحة المعالم، أو أنها تتناقض من مشهد إلى مشهد.
هذه المشكلات وغيرها الكثير يعود لأن كاتب السيناريو لم يبنها بناء محكماً، والبناء المحكم يعود لتاريخ الشخصية غير المعروف لدى الكاتب. لهذا تكون الخلفية الدرامية للشخصية أمرًا مهمًا، وتعد أحد أهم أدوات كاتب السيناريو، وهنا لمحة سريعة عن الخلفية الدرامية، حسب ما تقتضيه مساحة هذا المقال.
في البداية، الـBackstory أو الخلفية الدرامية، تهم الكاتب نفسه، هو الذي يضع مخططًا لتاريخ شخصياته، وأهم الأحداث التي مرت بها قبل القصة، مثل: نشأتها، حالتها النفسية، الاجتماعية، الثقافية، وأبعادها الجسمانية، بشكل دقيق وواضح. فالذي يكتبه الكاتب هو تاريخ للشخصية، بمعنى: الأحداث التي لها علاقة مباشرة لحبكة القصة، وأي معلومات أو أحداث ليس لها علاقة بالحبكة، يتجاهلها تمامًا. هو مخطط زمني (قبلي) للشخصيات والقصة والحبكة. والهدف من ذلك هو أن يمهد كل ذلك للقصة الرئيسة.
لهذا تبقى الشخصيات واضحة في ذهن الكاتب بشكل دقيق، فلا (تفلت) منه الشخصيات أثناء الكتابة، وتكون انفعالاتها وقراراتها وتطوراتها ومنعطفاتها متوافقة مع تاريخ الشخصية الـBackstory التي أعدها مسبقاً.
الـBackstory (الخلفية الدرامية) التي كتبتها عن شخصياتك، ليس بالضرورة أن تبوح بها للمشاهد، أنت تنتقي ما تريد أن تظهره للمشاهد، بما يخدم القصة، وتذكرها في الفيلم أو حلقة المسلسل على شكل التقنيات
فلاش باك، تذكر، مستندات أرشيفية، تعريف، وغيرها الكثير.
لا تذكر كل شيء عن تاريخ شخصياتك في نصك، لأن ذلك سيكون عبارة عن سرد معلومات ممل، ولكن تذكر في ثوانٍ معدودة، شيئًا من تاريخها، يكون تمهيدًا لما يأتي من أحداث، حتى يكون للحدث معنى ومنطق.