د.شريف بن محمد الأتربي
تظل دافعية التعلم محوراً لكثير من الدراسات والأبحاث التربوية التي تحاول الإجابة عن سؤال من أهم الأسئلة التي طُرحت ولا تزال مطروحة في الميدان التربوي وهو: لماذا يفوق المتفوقون؟ ولماذا يوجد الضعاف دراسياً؟
بادئ ذي بدء نشير إلى أن دافعية التعليم Motivation هو مصطلح يراد به توضيح دور المتعلم في عملية التعلم من خلال شخصيته ورغباته الذاتية في التعلم والتي تتحكم في إقباله أو نفوره أو حتى حياديته في تعامله مع العملية التعليمية كاملة أو في جزء منها. وتشير كثير من الدراسات إلى تعريف الدافعية بأنها: حالة داخلية لدى الفرد تستثير سلوكه وتعمل على استمراره وتوجيهه نحو تحقيق هدف معين». وهي: «دافعية داخلية ذاتية تحمل أسباب الدفع ممثلة في التأهب، والنشاط والمادة والمشاركة الاجتماعية. كما يشار إلى الدافعية بأنها «ميل الطالب لاتخاذ نشاطات أكاديمية ذات معنى تستحق الجهد. وهي يمكن أن تكون سمة في شخصيته، كما يمكن أن تكون حالة؛ فهي سمة عندما تكون مرتبطة بوجود دافع لتعلم المحتوى، لأن الطالب يعرف أهمية ذلك المحتوى ويدركه ويشعر بمتعة في تعلمه، كما أن الدافعية عندما تكون سمة فهي أقدر على التنبؤ بالتحصيل أو الأداء المدرسي، وعندما تكون الدافعية مجرد حالة مرتبطة بموقف معين فهي تدفع الطالب للتعلم من خلال ذلك الموقف.
وترتبط الدافعية بمستويات التحصيل الطلابي، حيث تلعب دافعية التعلم دوراً مهماً ومؤثراً في رفع مستوى أداء الفرد وإنتاجيته، في مختلف المجالات والأنشطة التي يواجهها لا سيما في مجال التحصيل الأكاديمي. ومن خلال التعرف إلى مستوى الدافعية الموجود لدى الطلبة، يمكننا تفسير جزء من التباين في تحصيلهم الأكاديمي، حيث أثبتت معظم الدراسات بأنه كلما كان مستوى الدافعية عالية كلما ارتفع التحصيل الأكاديمي للطلبة.
وحتى يمكن فهم الأداء الأكاديمي للطلبة لابد من فهم طبيعة دافعيتهم للتعلم، من خلال إطار يؤكد على أهداف المتعلمين. حيث يعتبر الأداء الأكاديمي للطالب داخل الفصل الدراسي ذا دلالة على العديد من العوامل التي يتعلق بعضها بالدافعية، ويتعلق بعضها الآخر بالظروف البيئية والخصائص العقلية للمتعلم.
ومن ضمن الدراسات التي عملت على تبيان أسباب تفوق المتعلمين؛ تلك الدراسات التي ربطت، أو حاولت الربط بين تأهيل الوالدين علمياً وتفوق الأبناء في التعليم، وقد أشارت العديد من هذه الدراسات إلى أن هناك فروق ذات دلالات إحصائية تشير إلى أن أبناء الحاصلين على تعليم جيد هم الأكثر تفوقاً عن غيرهم من الطلبة، ومع احترامي الشديد لما توصلت إليه هذه الدراسات أجد أن نتيجتها قد بُنيت على دراسة التأهيل العلمي للوالدين فقط وتناست أن هناك العديد من العوامل الأخرى التي تؤثر في تفوق الأبناء؛ لعل من أهمها هي الدافعية للتعلم التي تتوافر لدى الطلبة والتي يمكن أن تلعب دوراً هاماً في تفوقهم رغم عدم التأهيل العلمي الكافي أو عدم التأهيل العلمي المطلق للوالدين. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هناك عناصر أخرى تتحكم في تفوق الأبناء، بدءًا من مستويات الذكاء، والسلوك الاجتماعي، والبيئة المدرسية، والبيئة الصفية، أيضاً المقرر الدراسي والمعلم لهم دور بارز في تفوق الأبناء.
لا شك أن تأهيل الوالدين علمياً يساعد في نجاح العملية التعليم وييسر من أمور كثيرة مرتبطة بها ولكنه لا يجب أن يؤخذ في الاعتبار كونه العامل الأساسي في تحصيل وتفوق الطلبة دون النظر للعوامل الأخرى المؤثرة فيه أيضاً وبشدة.