أ.د.عثمان بن صالح العامر
من المعروف لدى القاصي والداني، القريب والبعيد، العدو والصديق، أن المملكة العربية السعودية تاريخ من العطاء الخيرّ الذي يهدف إلى مساعدة ومساندة ومواساة المحتاج وذي العوز، من منطلق إسلامي إنساني صِرف. ليس هذا فحسب، بل تاريخ من السرية التامة، وانكار الذات الكامل حين البذل بسخاء، وعدم إشعار الآخر بالدونية، وإحساسه بالتفضل عليه، وتوظيف هذا الجود في كسب موقف سياسي تتحقق معه مصلحة وطن الخير والعطاء، أو الإضرار بالغير دولاً كان هذا الغير أو أفرادًا، بأي وجه كان هذا الضرر. بل على العكس من ذلك، قد تضحي المملكة العربية السعودية بمصالحها الخاصة الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار من أجل موقفها في قضية إسلامية، ودعمها ومساندتها لأصحاب القضية قادة وشعوبًا.
وليقين البعض التام ممن امتدت لهم أيادينا البيضاء بأن المملكة العربية السعودية أكبر من أن تكشف الأورق، وتشرح وتفسر، وتدلل وتبرهن على ما كان وما هو كائن، وماذا سيكون لو لم يكن الموقف السعودي الشهم والشجاع. فإنهم للأسف الشديد قد يجحدون صنائع المعروف، فيطعنون في الظهر، ويقفون في صف العدو ضد بلد الحرمين الشريفين، يخفون ما لا يبدون، أو أنهم يشتمون ويسبون، عبر وسائل إعلامهم القديم منه والحديث، ويتهكمون بأصحاب الأيادي البيضاء الذين استشعروا الجسدية الإسلامية، فكان منهم أن امتدت أيمانهم لأخوتهم هنا وهناك، حين حل بهم العوز، واشتدت لأوائهم، وكانوا هم وأسرهم في أحلك الظروف وأصعب الأحوال يصفوننا اليوم ببدو الصحراء، ويعيروننا بالخيمة والبعير، وما دروا أننا نفخر بهذا ونفاخر بذاك.
الشيء الجميل المناقض تمامًا لصنيع أولئك الجاحدين المنكرين لأهل الفضل بعد فضل الله فضلهم، الشاكرين لأصحاب المعروف معروفهم، ما كان من رئيس العلماء والمفتي السابق لدولة البوسنة والهرسك الدكتور مصطفى سيرتيش من تأكيد على دور المملكة الرئيس في إيجاد وقيام هذه الدولة (البوسنة والهرسك) بكل صراحة وشفافية ووضوح ( فلولا الله ثم المملكة لما كانت هناك دولة تسمى البوسنة والهرسك).
إن خُلق الشكر لمن يستحقه فريضة ربانية، جاء الحث عليها في القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، وليس هناك أحد لا يسعد بالشكر حين يكون الشكر في مكانه، وعلى فعل حقيقي يستاهل الثناء، فالله سبحانه وتعالى وهو الغني عن خلقه المتعالي بعظمته يطلب من عباده شكره، ويعدهم بالمزيد من فضله إن هم شكروه.
ونحن قيادة وشعبًا لا نمن ولا نعير، ولكن نقدِّر ونثمِّن مثل هذا الموقف، الذي جاء على لسان شخص له صبغته الرسمية إبان زيارة معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ لهذا البلد المسلم الذي توليه حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين جل اهتمامها وعظيم عنايتها، مثله مثل بقية دول عالمنا الإسلامي.
شكراً لكل من شكر، شكرا للبوسنة والهرسك على حسن الاستقبال وكرم الضيافة والحفاوة والاحتفاء، شكراً لكم صاحب المعالي وزير الشئون الإسلامية والدعوة والإشارد على ما تحقق خلال هذه الزيارة التاريخية الهامة من لقاءات مثمرة، واستراتيجيات مرتقبة، وأعمال مستقبلية واعده. وتبقى المملكة العربية السعودية وطن العز والمجد والإباء، نبراس الجود، وعنوان الكرم، وموطن الوفاء وإلى لقاء والسلام.