العقيد م. محمد بن فراج الشهري
تونس الشقيقة بلد الجمال والإخضرار، والطبيعة الباهية والمتنوعة، بلد يملك مقومات الحياة الطبيعية بكل تفاصيلها إلى أن حل بها الجدري الإخوانجي، نعم تنظيم الإخوان المارقين هو من عبث بمستقبل تونس، والسودان، ومصر وإغراق هذه البلدان بفاشية التوجهات المصتنعة والكاذبة والتي تكشفت بكل وضوح، ولم يعد أحد يجهل ما يهدف إليه تنظيم الإخوان من انحراف مارق، وعبث بمستقبل وحياة الكثير من أبناء الأمة العربية.. وما يحدث في تونس اليوم هو إلا امتداد لما قامت به هذه الجماعة من خراب سابق في مصر والسودان والكثير من الدول العربية، والإسلامية، وكبار الكهنة في مصر والغنوشي استمد ثقافة الهيمنة والتمدد من أستاذه التاريخي الراحل حسن الترابي الذي أدار تنظيمه شؤون السودان لنحو ثلاثة عقود فتح فيها البلاد لعشرات بل مئات الإرهابيين، والمطلوبين، وأنشأ المعسكرات لتدريبهم لإثارة الفتن، والقلاقل في الدول القريبة والبعيدة، متخذاً في ذلك شعار (أمريكا وروسيا قد دنا عذابها)، وفي سابقة لم تعهدها الدول المتحضرة خطط تنظيم الترابي، أستاذ وملهم راشد الغنوشي لاغتيال الرئيس المصري السابق حسني مبارك في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، واعترف الرجل بعدما تآمر عليه تلاميذه وأبعدوه من منصة الحكم، بالتخطيط للجريمة وتهريب الجناة للخرطوم، والتخلص منهم لإخفاء معالم الجريمة الإخوانية، بعد أن كشفت التحقيقات التي أجرتها السلطات السودانية مع عناصر التنظيم وبعد سقوط دولتهم بعد الثورة الشعبية، وتورط مئات القيادات الإخوانية في جرائم فساد وتبييض ونهب المال العام.
أما في مصر فقد استغل تنظيم الإخوان المفسدين، أغلبيته البرلمانية في عام حكومة محمد مرسي في تمرير أجندته على المصريين، وما شهدته سنة الإخوان تلك من انهيار واسع في كافة الصعد، مع عمليات تمكين واسعة طالت أجهزة الدولة، ونشرت مجلة (فورين بوليسي تقريراً عن أخطار التنظيم في 369 يوماً) الذي اختار أسوأ الطرق في حكم مصر، إذ انتصر الرئيس لجماعته في خطاب شعبوي أدى في نهاية الأمر إلى سقوطه بعدما أهدر فرص التوافق السياسي مقتربًا بأرض الكنانة إلى حافة الحرب الأهلية, ومن المفارقات العجيبة أن «إخوان مصر»، الذين حرّموا الاقتراض من البنك الدولي بحجة (الربا) قبل ولوجهم إلى حكم البلاد عادوا مرحبين بالربا والتحايل عليه واعتباره (مصاريف إدارية) في مفارقة جلية لشعارهم المفضل (ربط الأرض بقيّم السماء!) هكذا كان أسلوب وطريقة الإخوان في مصر والسودان وما يحدث الآن من هذه الفئة الباغية التي تعمل بكل السبل مزعزة أمن الدول العربية كافة وليس تونس لوحدها وشعار الشرعية الذي تسربل به حزب الغنوشي الفاسد في وجه التغيير الذي حدث ويحدث الآن في تونس، ومنذ أيام لن يقوم على ساقين سليمتين، إذ كشفت تقارير متداولة عن عمل الجهاز الإخواني السري لحركة النهضة وتغلغله داخل أجهزة الدولة عبر (21) ألف عنصر أخذوا مواقعهم في الدولة في انتظار ساعة الصفر.. لكن ساعة الرئيس المنتخب قيس سعيَّد كانت أقرب وأسرع في صون تونس وحمايتها من فتنة هذا التنظيم المارق للإخوان المفسدين وعلى رأسهم حركة النهضة، هذا البعبع الذي طالما تغول على المشهد السياسي في تونس والذي نهشته الاختلافات الداخلية والتي تُرجمت باستقالات من الحجم الثقيل ومن الصراعات على الزعامة، وخلافة الغنوشي في الحزب من كل مؤتمر وخاصة في زمن كورونا حيث كشفت فعلاً سوء التعامل وفشلاً ذريعاً في التعاطي مع هذه الأزمة، إضافة إلى نقطة مهمة جداً وهي التمسك بالسلطة التي تهدد القائمين عليها، وخاصة الذين لا يمتلكون رجال دولة في حجم تونس الحديثة، كما بقيت العديد من الملفات بمثابة اليد المجروحة التي يعزف على وتر ألمها كل الخصوم وأعني بذلك قضايا الإرهاب، وتحديداً ملفات الاغتيالات لكل من شكري بلعيد، ومحمد البراهمي وغيرهما، إضافة إلى ملفات التسفير لبؤر التوتر، والصلة بداعش، والقاعدة، وغيرها كلها جعلت سقوط البعبع أيسر من صعوده، وحان وقت أفول الغنوشي وزمرته التي دمرت تونس واقتربت بها من شفيرالهاوية، وقيس بن سعيّد انتظر اكتمال شروط تطبيق الفصل (80) من الدستور خاصة لحظة انسداد كل الآفاق والطرق أمام الشعب نتيجة مخلفات الإخوان، وجائحة كورونا، والموت المخيم على كل الجهات في البلاد والذي أتا به حزب النهضة وعصاباته، فكان أن أشهد عليهم العالم من خلال اتصالاته طالباً للدعم في مواجهة الجائحة ليكون يوم الجمهورية اللحظة الحاسمة التي دخل بها قلوب كل أبناء تونس وحظي بها بتعزيز كل الشعوب الرافضة للتطرف والإرهاب، وحكم عصابات وأجندة الإخوان المارقين.. وعلى الشعب التونسي أن يدرك تماماً الخطر المحدق به من جراء تدخلات تنظيم الإخوان، وأن يأخذ العبرة من الشعوب التي تسممت من عبث هذا التنظيم والمجاورين لدولة تونس أيضاً وأن يتم هبّة واحدة في كل الدول العربية للقضاء على هذا التنظيم أو تحجيمه وحصاره، ومنعه من التمدد بكل السبل، وهذا لن يحدث إلا بتكاتف كافة الدول العربية، وليس بدولة واحدة فقط ولا دولتين أو ثلاث بل كل الدول عندها سيختفي هذا الكابوس ويزال العفن بعد تعاون شامل من كافة الدول العربية، وحتى الإسلامية بعد أن انكشف غطاء هذا التنظيم ولم يعد خافيًا على أحد (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ) (227) «الشعراء»...