م. بدر بن ناصر الحمدان
تعوّدت أن أُخْبِرُ كل شخص بمواطن الجمال التي أراها فيه، هذه مسؤوليتي تجاهه، وهي إحدى صور (... حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)، إذ إن الإنسان بطبيعته يحب أن يعلم الناس ما يمتلكه من جوانب إيجابية في حياته، ومنها «أجمل ما فيه»، وكذا الحال في تعامله مع إنسان آخر.
من أرقى سمات التعامل مع الآخرين - خاصة في بيئة العمل - أن تدفع بهم لاكتشاف ذلك الجمال المدفون بداخلهم وتدلهم عليه وتخبرهم به أياً كان نوعه، جمال في الهيئة أو الملبس أو الخلق أو السلوك أو التعامل أو أسلوب الحياة، ويمتد ذلك إلى تلك المهارات أو الكفاءات أو الأفكار أو المبادئ أو القيم التي يتمتعون بها، وكل ما ينطوي تحت عنوان الجمال ذاك.
فن الحياة مع الناس يستند بالدرجة الأولى على الإيمان بحقهم في التعريف بمكامن تلك الأشياء الجميلة في حياتهم، والتفاعل معها، والاعتراف بها، وتغذيتها من قبل أولئك الذين يتعايشون معهم في المنزل والعمل والأماكن العامة، الحديث هنا عن تغذية معنوية لها عمقها وتأثيرها، ربما لفتة، أو جملة قصيرة، أو تعبير مختصر قد يصنع يوم أحدهم.
لطالما كانت تلك «الكلمة» نقطة انطلاق للكثيرين ممن استعادوا حياتهم، وثقتهم في أنفسهم، والإيمان بقدراتهم، وساعدتهم في العبور إلى مراحل من عمرهم لم يكن ليتجاوزها، لولا مساندة الآخرين لهم، وغرس تلك المشاعر الإيجابية بداخلهم، ستلتقون بالناس وستغادرونهم، فقط اتركوا «كلمة» يذكرونكم بها، مع كل سقف طموح يصلون إليه في مستقبل أيامهم.
كونوا كرماء جداً مع كل من توجدون معهم في مكان واحد، ومن تقابلونهم أو حتى من تصادفونهم على سبيل الرحلة والطريق ووجهات السفر، أتقنوا فن إدارة المسافة معهم، ولا تحبسوا ما بداخلكم من إشادة بهم، وكما قيل: «لا تخبئوا الكلام فلن يرِثه أحد ليقوله، ولا تؤجلوا الرسائل فقد تتغيّر العناوين».