د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
أصبحت المرأة اليوم شريكاً للرجل، تشاطره خدمة المجتمع، وتقوم بدور محوري وحيوي، والمشاركة في صناعة القرار، ومراقبة الأجهزة الحكومية، فهي تعيش مرحلة تمكين غير مسبوقة، تماشياً مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي صححت المسار وفق قول الرسول صلى الله عليه وسلم (النساء شقائق الرجال).
تضاعف مشاركة المرأة من 17 في المائة عام 2017 إلى 32.3 في المائة بنهاية الربع الأول من عام 2021 ، مقابل 66.2 في المائة للذكور، حتى أصبحت بطالة النساء الأدنى في 20 عاماً عند 21.2 في المائة، فيما تبلغ لدى السعوديين نحو 11.7 في المائة، لكن انخفض معدل البطالة ضمن دول العشرين إلى 6.5 في المائة مقارنة بـ 7.4 في المائة لنفس الفترة من عام 2020 ، فيما تبلغ المشاركة الاقتصادية للسعوديين نحو 61.1 في المائة.
بالطبع هذه ثمار تحققت داخل الوطن، ولصالح نصف المجتمع، كما حققت السعودية على المستوى الدولي للعام الثاني على التوالي في تقرير المرأة عن أنشطة الأعمال، والقانون 2021 الصادر عن مجموعة البنك الدولي الذي يهدف إلى مقارنة مستوى التمييز في الأنظمة بين الجنسين في مجال التنمية الاقتصادية وريادة الأعمال بين 190 دولة.
يعود هذا التقدم إلى عدد من الإصلاحات التي سعت السعودية لمشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية، ومن أبرزها عدم التمييز في العمل بين الرجل والمرأة، والسماح للمرأة بالعمل في عديد من القطاعات الجديدة، وتشجيع المرأة ودعمها لتولي المناصب القيادية.
وبذلك تكون السعودية قد حققت إصلاحات في الأنظمة واللوائح المرتبطة بتمكين المرأة لدخول سوق العمل، بعدما أزالت من أمامها كافة العقبات التي فرضت عليها تعسفاً من قبل فئات اعتمدت على أدلة ظنية غير يقينية، وحصلت السعودية على المركز الأول خليجياً، والثاني عربياً، لتسجل 80 نقطة من 100 نقطة، لترتقي بترتيبها ضمن الدول المتصدرة على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
هذه الإصلاحات والمبادرات لتمكين المرأة تجاوزت مستهدفات رؤية 2030 في عام 2020 نحو 24 في المائة، ورغم جائحة فيروس كورونا الذي نتج عنه بطء في تحقيق جميع مستهدفات رؤية 2030 ، رغم ذلك تجاوزت تحقيق مستهدفات تمكين المرأة، بسبب اتباع الدولة مبادرات نوعية، تقودها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لتمكين المرأة وتذليل العقبات التي تواجهها، وتمكينها من الفرص المناسبة للإسهام في تنمية المجتمع والاقتصاد.
بلغ معدل التوطين في الخدمة المدنية 96.2 بنهاية عام 2020 ، بينما بلغ في القطاع الخاص نحو 24.2 في المائة مرتفعة من 18.1 في المائة بنهاية عام 2016 ، فيما بلغ عدد الخاضعين لأنظمة ولوائح التأمينات الاجتماعية نحو 8.5 مليون مشتغل، منهم 2.03 مليون مشتغل سعودي، ونحو 6.48 مليون مشتغل غير سعودي، فيما يبلغ عدد الخاضعين لأنظمة ولوائح الخدمة المدنية نحو 1.27 مليون مشتغل، منهم 1.23 مليون مشتغل سعودي، ونحو 22.7 ألف مشتغل غير سعودي.
فمستقبل التوظيف في القطاعين الخاص والعام خصوصاً بعد توجه الدولة نحو التخصيص، لذلك اتجهت الدولة نحو إطلاق مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية لغير السعوديين ضمن برنامج التحول الوطني من أجل رفع تنافسية سوق العمل السعودية لرفع كفاءة العاملين، وجذب الاستثمارات، استثنت العمالة المنزلية والزراعية.
الدولة تتجه نحو وقف التشوه الاقتصادي الذي يستحوذ على السوق السعودي، بوقف التستر، واحتكار أنشطة اقتصادية، ولا يعقل أن يعتمد النشاط الاقتصادي اعتماداً كلياً على العمالة الوافدة وإلى الأبد بينما الدولة تعاني من ارتفاع البطالة.
فمثلاً ارتفع عدد مصانع الأغذية 200 في المائة إلى أكثر من 915 مصنعاً، والطبية بنحو 150 في المائة ما يقارب 173 مصنعاً بين عامي 2016 و 2020 ، فيجب أن تحمل هذه الشركات الجديدة رؤى مختلفة في استرجاع الدور الوطني من أجل القدرة على توطين الوظائف بدلاً من مواصلة النهج التقليدي السابق الذي يعتمد على العمالة الوافدة مثلاً تتجه نحو تشكيل التغير التكنولوجي الذي يجعلها تستغني عن العمالة الوافدة الرخيصة.
** **
- أستاذ بجامعة أم القرى بمكة