عمر إبراهيم الرشيد
هناك حقيقة علمية بأن حرارة الكرة الأرضية في ارتفاع مطرد عقداً بعد آخر، بل يشعر الإنسان بهذه الزيادة سنة عن أخرى، وهذا العام نسمع من شيوخنا وأمهاتنا بأن الحر لاهب وغير مسبوق. وقد تناولت مثل غيري الكثيرين المسألة البيئية كدائرة متكاملة تتأثر بالنشاط والممارسات الإنسانية ومن ثم تؤثر في معيشة هذا الإنسان، فالتبرم من هذا القيظ اللاهب نتحمل نحن جزءاً لا يستهان به، إن على المستوى الرسمي وأقصد به الجهات المنوط بها شئون البيئة كلها، أو المستوى الفردي بالوعي البيئي وعدم الإساءة إلى مكونات هذه البيئة بأي سلوك غير مسئول، سواء بالاحتطاب الجائر، رمي الزجاجات والعبوات البلاستيكية في الشارع أو الأراضي البيضاء، رمي مخلفات المباني، واستكثار زرع الشجر أمام المنزل أو العمارة السكنية والمحلات، وغير هذا الكثير مما يسهم في سخونة الأجواء والتصحر والجفاف البيئي والنفسي.
ثم نأتي إلى الجهات المسئولة، ولا بد لي هنا من الإشارة إلى مبادرة السعودية الخضراء والأمل في أن تشكل نقلة بيئية لبيئتنا الغالية وأن تتضافر الجهود لإنجاحها كل فيما يخصه. أما هنا أتساءل كما تساءلت من قبل، أين الجهة المسئولة عن التدوير في المملكة وما يرمى من ملايين الأطنان من النفايات الصلبة من زجاج وبلاستيك وورق وغيره؟ صحيح أن هذا الوباء العالمي قد أخر الكثير من المشاريع أو أجلها وهذا على المستوى العالمي وليس لدينا فحسب، ولكن الأمانات والبلديات ما زالت بحمد الله تؤدي دورها في المدن، في الشوارع والميادين والمرافق، ولم نر حتى الآن ما وعدت به أمانات المناطق من تخصيص حاويات للنفايات الصلبة على اختلاف أصنافها، ولا حتى حاويات كبيرة في نقاط تحددها في الأحياء مثلا، حتى نطمئن على أن هذه النفايات تعود إلى المصانع للانتفاع بها وتجنب تخريب البيئة والمناخ والأرض. إضافة إلى ذلك، يمكن الاستفادة من تقنيات بعض الدول في هذا المجال ونحن بحمد الله قد استفدنا من الكثير مما وصلت إليه العديد من الدول، ووباء كورونا مثال على ذلك، حتى أصبحت المملكة بحمد الله تصنع أجهزة التنفس محلياً وهذا مصدر فخر بلا جدال. وهنا أشير إلى تقنية روسية للاستفادة من العبوات البلاستيكية والزجاجية بوضع أجهزة البيع الذاتي شبيهة بتلك التي تستخدم لبيع المرطبات وغيرها، ويقوم المستفيد بوضع الزجاجة في المكان المخصص في الجهاز ومن ثم تخرج له تذكرة مجانية لركوب القطار، وهذا تحفيز مادي وتشجيع لتبادل المنافع للجميع، هذا مجرد مثال وأشرت إليه لأن عامل التحفيز ولو كان بسيطاً فهو وسيلة فعالة لحث الإنسان على اتباع سلوك نافع له ولغيره، والتحفيز من أكثر ما اشتمل عليه القرآن الكريم لحث العباد على اتباع الدين والإحسان إلى الخلق.
ثم هناك تساؤل أيضاً يتعلق بهذا الأمر، فلم نشهد حتى الآن الرسائل التوعوية والإعلامية من الجهة الوطنية لإدارة النفايات والتدوير وعبر وسائل الإعلام والتواصل للتعريف بمهمتها التي طال انتظارها، فما هي أسباب هذا التقصير يا ترى فالناحية الإعلامية أساس لعمل أي منشأة رسمية أو خاصة. وقبل الختام، أذكر بما قلته هنا مراراً، مخلفات البناء في الأراضي البيضاء خصوصا على مداخل العاصمة هو من أشد صور التدمير البيئي، عدا عما بداخل الأحياء من تلك المخلفات المشوهة بصرياً والمضرة بالإنسان والمكونات البيئية جميعها، وعلى الله قصد السبيل، إلى اللقاء.