صبار عابر العنزي
الفقر من أشد الآفات الاجتماعية خطورة على استمرار النوع البشري على الأرض، بل هو باب كبير مفتوح على مصراعيه للوقوع في الجهل والتخلف وبراثن الأمراض سواء الاجتماعية أو العضوية التي تجعل من الإنسان في النهاية غير قادر على تحقيق النجاح أو إعمار الكون بشكل سليم...
وقد عرف البنك الدولي الدول منخفضة الدخل أي الفقيرة بأنها تلك الدول التي ينخفض فيها دخل الفرد عن 600 دولار أمريكي سنوياً وعددها 45 دولة معظمها في أفريقيا، منها 15 دولة يقل فيها متوسط دخل الفرد عن 300 دولار سنويا...
بينما يضيف برنامج الإنماء للأمم المتحدة معايير أخرى تعبر مباشرة عن مستوي رفاهية الإنسان وسبيل العيش؛ هذا الدليل وسع دائرة الفقر بمفهوم نوعية الحياة لتضم داخلها 70 دولة من دول العالم، أي هناك حوالي 45% من الفقراء يعيشون في مجتمعات غير منخفضة الدخل، بمعنى فقراء في بلاد الأغنياء، ونكتفي هنا بذكر أن 30 مليون فرد يعيشون تحـت خط الفقر في الولايات المتحدة الأمريكية (15% من السكـان) ...
والفقر هو الحالة أو الوضع الذي يحتاج فيه « الفرد أو المجتمع « إلى الموارد الماليّة، والأسس الضروريّة للتمتُّع بأدنى مستوىً من الحياة والرفاهيّة الذي يعتبر مقبولاً في المجتمع الذي يعيش فيه، أمّا المعيار الدوليّ للفقر المدقع فهو حصول الفرد على أقلّ من دولار واحد في اليوم، وهو أيضاً عندما يفشل دخل الأسرة في تلبية الحاجات الأساسيّة لأفراده، ويقاس الفقر عادةً بناءً على الأسرة التي تعيله وليس الفرد...
وعليه فهناك اتفاق حول مفهوم الفقر على أنه حالة من الحرمان المادي الذي يترجم بانخفاض استهلاك الغذاء، كما ونوعا، وتدني الوضع الصحي والمستوى التعليمي والوضع السكني، والحرمان من السلع المعمرة والأصول المادية الأخرى، وفقدان الضمانات لمواجهة الحالات الصعبة كالمرض والإعاقة والبطالة وغيرها وللحرمان المادي انعكاسات تتمثل في أوجه أخرى للفقر كعدم الشعور بالأمان وضعف القدرة على اتخاذ القرارات وممارسة حرية الاختيار ومواجهة الصدمات الخارجية والداخلية...
والفقر ليس صفة بل هو حالة يمر بها الفرد تبعا لمعايير محددة، فمثلا يعرف الفقر بمفهومه العام على أنه انخفاض مستوى المعيشة عن مستوى معين ضمن معايير اقتصادية واجتماعية وعرف بشيء من التفصيل على «أنه الحالة الاقتصادية التي يفتقد فيها الفرد الدخل الكافي للحصول على المستويات الدنيا من الرعاية الصحية والغذاء والملبس والتعليم وكل ما يُعد من الاحتياجات الضرورية لتأمين مستوى لائق في الحياة»...
للفقر آثار خطيرة على المجتمع، فعلى سبيل المثال الأطفال الذين ينشؤون في بيئة فقيرة يعانون من مشاكل صحيّة بشكل مستمر ومتكرّر أكثر من الأطفال الذين ينشؤون في ظلّ ظروف ماليّة أفضل، فالعديد من الأطفال الرضّع المولودين في أُسر فقيرة لديهم وزن منخفض عند الولادة، وهذا يرتبط بالعديد من المشاكل الجسديّة والإعاقات العقليّة التي يمكن الوقاية منها، كما يمكن أن يكونوا أكثر عرضةً للموت قبل إتمامهم عامهم الأول...
كما أنّ الأطفال الذين ينشؤون في بيئة فقيرة يميلون إلى التغيّب عن المدرسة في كثير من الأحيان بسبب المرض، ولديهم أيضاً نسبة أعلى بكثير من الإصابات من الأطفال الآخرين، فقد يكون لديهم ضعف في الرؤية، والسمع، وفقر الدم بسبب نقص الحديد، ومستويات عالية من الرصاص في الدم، والتي يمكن أن تُضعف وظيفة الدماغ...
ومن أهم أسباب الفقر سوء توزيع الثروة، وسوء التنظيم، وكذلك، الاتكال على الغير والتقاعس عن العمل، عدم التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، الحروب والاستعمار...
وأخيرا .. الإنسان طاقة إيجابية وقدرة هائلة قادرة على صنع المعجزات ولكن يبقى الفقر عائقا أساسيا أمام هذا الطموح يقول الشاعر والأمير محمد بن أحمد السديري:
لولا الهرم والفقر والثالث الموت
ي الادمي بالكون يا عظم شانك
سخرت ذرات الهوى تنقل الصوت
وخليتها اطوع من تحرك بنانك