مها محمد الشريف
أصبحت تونس هي الخبر الأول في الإعلام وحراكها بات يحمل نفس الأهمية كون بداية الخريف العربي بدأ منها، وكأنها تعيد التاريخ ولكن لتصحيح مسار خاطئ عطل البلاد بسبب حزب النهضة الإخواني، الذي يريد تعطيل البلاد ثم تفجير الأوضاع بها والسيطرة عليها، وأعلن رئيس البرلمان التونسي، راشد الغنوشي، أن حزب «النهضة» الإسلامي الذي يتزعمه يعمل على تشكيل «جبهة وطنية» للتصدي للقرارات التي اتخذها مؤخراً الرئيس التونسي، وواصل رئيس حركة النهضة الإخوانية، تهديداً مبطنا للدول الأوروبية مفاده أنها ستواجه طوفاناً هائلاً من مئات آلاف المهاجرين إن لم تتدخل في تونس، فإن مئات آلاف المهاجرين غير القانونيين سيطرقون أبواب إيطاليا الجنوبية وكلنا في مركب واحدة، نحن التونسيين والأوروبيين وتحديداً أنتم الإيطاليون. فإذا لم تعد الديمقراطية إلى تونس في أقرب وقت، فسريعاً سننزلق إلى الهاوية».
ومن الواضح أنه لم ير أن هناك نهاية لكل بداية بموقف واقعي نحو التغيير فخلال سنوات حكم النهضة، إذ بلغت الديون أضعاف ما كانت عليه في عام 2010. واستمر ارتفاع البطالة وغرقت البلاد في أزمة عميقة كما ارتفع الدين وبلغ مستويات فلكية وارهقت هذه الديون الميزانية العامة لتونس لعقود مقبلة، وفي ضوء الأدلة الراهنة تسود حالة من الفوضى في البلاد التي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة وانكماشاً وصل إلى نسبة 8 % في 2020 لأول مرة منذ منتصف القرن الماضي، وفي هذه المرحلة الوبائية الحرجة فقدت تونس أعداداً قياسية من الوفيات والمرضى في مستشفيات مكتظة وقدراتها الاستيعابية متواضعة، وفي خضم هذا الوضع المأساوي عادت الشكوك الكبرى بالحزب الإخواني إلى الظهور في ضوء هذه التجارب المخيبة للآمال بحكم طبيعته المتناقضة وفساد سياسته التدميرية.
في حين أعلن الرئيس سعيد عن بداية تطبيق قراراته على الفور بعد اجتماع مع قيادات من الجيش والأمن، فإن رئاسة البرلمان وحركة النهضة الإسلامية بالأساس وحليفها «ائتلاف الكرامة» اليميني يرفضان خطوة سعيد بشكل قطعي. واستند الرئيس سعيد إلى مضمون الفصل 80 من الدستور الذي يتيح له اتخاذ تدابير استثنائية في أوضاع محددة، مستفيداً من الاحتجاجات وأعمال الشغب التي اجتاحت عدداً من المدن التونسية.
حتى لو دخلت البلاد مرحلة من الاستقرار السياسي والاقتصادي. فقد بدأ الرئيس قيس سعيّد التحرك في ملف الأموال المنهوبة من رجال أعمال بأعينهم في مقدرات البلاد، بعدما استفادوا من غطاء سياسي منحته قوى سياسية على رأسها حركة النهضة الإخوانية، فقد جمعوا أموالاً طائلة بطرق غير مشروعة. واستعادة الأموال المنهوبة في تونس ليس بالأمر السهل، إضافة إلى حصول الأحزاب على تمويل أجنبي قبل الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2019، حيث تخضع ثلاثة أحزاب لتحقيق القضاء مع حزب النهضة الإسلامي، الأكبر تمثيلاً في البرلمان، وحزب قلب تونس الليبرالي وحركة عيش تونسي.
فالإجراءات القضائية قد تصدر احكاماً على رجال الأعمال الذين نهبوا ما مقداره 13.5 مليار دينار تونسي (4.8 مليارات دولار) من أموال الشعب خلال سنوات ترأس فيها الغنوشي برلمان الشعب، ومن ثم لا يكفي في هذا المسعى مجرد تجريم ما يفعله الإخوان في الأوطان. بل مقاضاتهم وكشف خداعهم الذي حول الشرق الأوسط إلى مشهد إسلامي ضبابي، لم يمر يوم بدون أزمة مع إحدى القوى السياسية، الأمر الذي بلغ ذروته عقب اختلاق صراع مع الرئيس التونسي قيس سعيد والمساعي الحثيثة من جانب الحركة لسحب الصلاحيات الدستورية من الرئاسة وعزل «سعيد»، والغرف من الحجج المتوترة والتهديدات الجوفاء بمزيد من العنف، فهل انكشف إرهاب الإخوان للعالم بعد تهديدات الغنوشي لبلاده وأوروبا؟.