د.عبدالعزيز العمر
لا توجد دولة من دول العالم لا تشتكى اليوم من أزمة البطالة (وإن بدرجات مختلفة)، وهنا تحرص كل الدول ألاَّ تصل نسبة البطالة لديها إلى مستوياتها الخطرة (غالباً أكثر من 10 %)، ولا جدال أن عواقب البطالة ليست اقتصادية فحسب، بل ويترتب عليها عواقب اجتماعية وسياسية. فمعالجة أزمة البطالة شعار يرفعه كل من يترشح لموقع سياسي في الولايات المتحدة (مثلاً). ويمكن حصر أطراف أزمة البطالة التي تؤرق الحكومات في أربعة أجهزة، وهي: جهاز الموارد البشرية بما يقرره من سياسات توظيف وتدريب، والجامعات فيما يتعلق بإعداد خريجها للمهنة التي اختارها، وسوق العمل بما يحكمه من نظم وسياسات وقوى تتجاذبه، وأخيرًا الفرد نفسه بما يمتلكه من إرادة وطموحات ورغبة في تطوير مهاراته ليواجه تحديات مهنته. وحديثنا في هذه المقالة هو فقط عن الجامعة باعتبارها أحد أطراف أزمة البطالة. لا شك أن الجامعة تتحمل جزءًا من أزمة البطالة، وتتمثل مسؤولية الجامعة في هذا الشأن في تزويد خريجها بمهارات وكفايات أساسية عامة تتطلبها مهن القرن الحادي والعشرين (مهارات الاتصال، ومهارات الإبداع والابتكار، مهارات التفكير الناقد، مهارات العمل في فريق)، وهنا لابد أنه ليس من مسؤولية الجامعة تلبية رغبات ومتطلبات سوق العمل المتغيرة والمتجددة والمتأثرة أحيانًا بقوى فاسدة، مسؤولية الجامعة أن تعد خريجها الإنسان أولاً ثم الإنسان الذي يمتلك مهارات عمل أساسية عامة، وخصوصًا فيما يتعلق بأخلاقيات وقيم العمل (Work Ethics). أما مستجدات ومتغيرات المهنة فتتركها الجامعة لسوق العمل وما يقدمه من برامج تدريب متخصصة.