رمضان جريدي العنزي
الناس الصادقون المخلصون الأسوياء لا يتغيرون، لا يتغير إلا أصحاب المصلحة الضيقة، والمنفعة الشخصية الواهنة، الثابتون على المبادىء والقيم في هذا الزمان المر قليلون، وهم عملة نادرة قل وجودها وندر، كالأحجار الكريمة، إن وجدناهم فهم في حياتنا إثراء، لا يقدرون بثمن ولا بقيمة، في صدر كل واحد منهم قلب واحد، وعاطفة واحدة، ووجه واحد، ويقين واحد، وسره وعلانيته واحدة، لا يتلونون، ولا يتبدلون، إن الصدق مع الناس والإخلاص معهم مثل الشجرة المثمرة لا تطرح إلا ثمراً ناضجاً وبهياً، والصدق ثروة الإنسان سمعته ورأس ماله، إن الصادقون لا تغيرهم الأحوال ولا الأيام، تأتي عليهم محن الحياة وهم واثقون، ومهما شحبت الدنيا بوجوههم فهم ثابتون، لا يبحثون عن المصالح والمكتسبات، ويؤمنون بالعطاء، يزهرون في الأرض، ويمرون على القلب خفافاً، لا يجرحون أحداً، ولا يطعنون آخر، ولا يورثوا حسرة ولا ندماً، يقول جلال الدين الرومي: «سلام على أولئك الذين رأوا جدار روحك يريد أن ينقض فأقاموه، ولم يفكروا أن يتخذوا عليه أجرًا». روى ابن ماجه عن عبد الله بن عمر قال: قيل لرسول الله: أي الناس أفضل ؟ قال: كل مخموم القلب صدوق اللسان. قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب ؟ قال: هو التقي النقي، لا إثم فيه، ولا بغي، ولا غل ولا حسد»، إن الإنسان الصادق مصان جليل، وهو كالسيف للحق، والصدق مرتبة الصديقين بعد مرتبة الأنبياء، وقبل مرتبة الشهداء، فأي فضل بعد ذلك؟ إن الصادقين لا يرفعون الشعارات، وإنما يفعلون كما يقولون، يدعون للحسن، ويلفظون القبح، قال بعض الحكماء: العينان ألم من اللسان، فهي تخبر بصدق صاحبها من كذبه، وقال بعض البلغاء: الوجوه مرايا تريك أسرار البريا، إن الصدق عكس الكذب الذي هو خلق ذميم، وطبع لئيم، ونفاق بائن، وضعف وخور في النفس، إن السعادة والنجاح والفلاح في الصدق، اللهم آت جميع الأنفس تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.