عبده الأسمري
وفق طبيعة بشرية يعلوها «النسيان « ويملؤها «التجاهل» ويسكنها «التغافل» ما إن يقترب الإنسان من الخطر حتى تحتله «الرهبة» من الموقف وتدفعه الرغبة إلى الحذر فيغادر الدروب «الشائكة» بحثاً عن المشارب «الآمنة»وحينما تضع «الخطورة» أوزارها تتلاقى «النزعة» الإنسانية مع «النزغة» الشيطانية» فيعود إلى سيرته الأولى ووزره الجديد ثم لا يلبث حتى يصطدم بضربة «قاسية» فيسقط «مهزوماً مخذولاً» وحينها يحاول الارتداد للنجاة فيتفاجأ بأن خط «العودة» مغلق ولا مناص من مكوثه في دوائر «الندم».
في الحياة اتجاهات متاحة للاختيار تعتمد على «بصائر» الذات و»مصائر» المستقبل وقد علم كل «أناس» مشربهم في وقت تظل سلطة «التوجيه» قائمة في اتجاهين من الفرض أو العرض ليبقى العاقل خصيم نفسه والجاهل عدو ذاته..حينها تتشكل ملامح «المصير «في نتائج «حتمية» لا يجنى ثمارها ولا يتلقى أوجاعها الا الإنسان ذاته لذا فإن السؤال الأعرض «ماذا قدمت في حياتك وماذا أخرت؟ ويبقى الجواب في غيبية قدرية تظهر في الآخرة وحقيقة بشرية تتجلى خلال الدنيا..
يحصر العديد من الناس حياتهم في إطارات بائسة من البيروقراطية اليومية ومن الروتينية الحياتية قابعون في جداول مكررة تكتفي بالاعتياد وتلتزم بالعادة في حين أن الذات كنز ثمين يجب أن يستثمر لإفادة النفس وإجادة السلوك فإن استطاع الإنسان تقديم حقوق النفع لغيره في كل اتجاه متاح أو البحث عن أفكار وليدة أو أبعاد متجددة فإنه قد ظفر بالأثر المقيم في «شهادة» الخلائق وإن لم يتمكن فعليه أن يكبح جماح الشر الماكث في «بلادة « الأفعال..
تكتظ الذاكرة بمئات المؤثرات البصرية والسمعية التي تخضع للاجترار والاستدعاء اليومي وسط ما تمليه الحياة من تغيرات ومتغيرات ومواقف ووقفات لذا يجب أن يكون هنالك إدارة مثلى للاستذكار المشفوع بتحويل المحن إلى منح وإحالة الآلام إلى آمال وسط صفة «اليقين « ووصفة «التفاؤل» للاستفادة من الأخطاء والإفادة من العطاء ليملأ الإنسان يومه بعطايا «التأثير» الذي تحوله إلى رقم صحيح في معادلة «الأثر» حتى لا يكون هامشاً فارغاً في مقابلة «المواقف»..
يتفوق الإنسان لنيل مقعد جامعي ويرفع معدله للبحث عن «شاغر» وظيفي ويشحذ هممه لحصد «منصب» عملي ..في حين أن هنالك العديد من القادمين في ذات الاتجاه والكثير من الواصلين إلى نفس المكان ليكون «الموقع» متاحاً ولكن الوقع الأكبر يبقى في «المآثر» التي تركها الإنسان في الأماكن والأزمنة التي مر بها ويبقى البشر في ذلك شهودا..والدعوات هدايا عظيمة تتجاوز «دروع» التكريم وتتعدى «هدايا» الوداع لأن طبيعة «النسيان» واردة بل وحتمية وتبقى «عصية» على ذكرى طيبة تغلفت بواقع «النجاح» ووقائع «الفلاح» في الأخلاق والتعاملات والفوائد والمنافع حتى يبقى صاحبها «نجماً « مضيئاً يشع مع كل ذكر لاسمه أو استذكار لسيرته..
من أصعب الأمور وأعظم المسالك أن يبحث الإنسان عن «شهرة» مؤدلجة مؤقتة من خلال تسويق نفسه في «سخرية» مستوحاة أو «استهزاء» مستورد حتى يصفق له «جمع» من المنتمين لمجموعته والحاملين لذات الفكر العقيم المستنبط من بلاهة ذاتية أوسفاهة خاصة ليتعدى على «الأصول» الدينية أو يتجاوز «الأسوار» المنطقية بحثاً عن متابعة بائسة تخرج لنا «طوابير» مخجلة من الساذجين..والأجدى أن يكون هنالك انتفاضة «فكرية « لمنع هذه «الترهات» ووقف تلك «المهاترات» وعزلها عن الميادين الجميلة في حياتنا والتي تحترم «العقل» وتقدر «المنطق» وتنبذ «السوء» وترفض «العته» وتلغي «السفه».
الحديث السوي والقول النافع سواء كان منطوقاً أو مكتوباً شهدت به منصة أونطقت به واقعة والإرث المتناقل عبر الأجيال والتجارب الموثقة في سجلات «الاحتذاء» والمشارب المتاحة في مسارات «الاقتداء» والأفعال الحسنة والأقوال المأثورة والمعاني الإنسانية والقيم البشرية مجالات خصبة لتشرب المنافع واقتناص الفوائد التي تنير دروب العتمة وتزيل شوائب الغمة حتى نقيم الحضارة على أعمدة قوية تقاوم موجات «التخلف» وتوقف هجمات «الرجعية» ولوعدنا إلى «التاريخ « لوجدنا أن صناعته عبر الأزمنة كانت بأسرار المعارف واقتدار المشارف واعتبار «العلوم» وانتصار «الثقافات» وانتشار «الإبداعات».