قَضَيتَ حَياةً مِلؤُها البِرُّ وَالتُقى
فَأَنتَ بِأَجرِ المُتَّقينَ جَديرُ
بينما كنتُ متأهبًا لأداء الصلاة في ضحى يوم الجمعة 1442/11/29هـ إذا برنين الهاتف من الأستاذ الحبيب الوفي عبدالرحمن بن سعود العجاجي، معزيًا لي في وفاة زميله وزميل شقيقي عبدالله بدار التوحيد بالطائف منذ عام 1373هـ، الأستاذ الكريم محمد بن وصل الله الثبيتي (أبو سامي)، الذي انتقل إلى رحمة الله يوم الأربعاء 27/11/1442هـ، ثم أديت صلاة الميت عليه يوم الخميس 1442/11/28هـ، حيث ووري جثمانه الطاهر في مقبرة الجفالي بالطائف، في أجواء حزن وأسى، تبودلت فيها التعازي والترحم على الفقيد تغمده المولى بواسع رحمته ومغفرته.
فما لبثتُ أن حلق بي الخيال إلى أول لقاء به صيف عامي 1373-1374هـ على مقربة من مبنى دار التوحيد الواقع في غرب مدينة الطائف بحي (قروى)؛ فمنذ تلك اللحظات الجميلة بدأت أواصر المحبة والأخوة تدبُ في نفوسنا معًا، خاصة عندما علم أنني شقيق زميله عبدالله وزاد في الاحتفاء، مثنيًا على أخي ومن معه من الزملاء القادمين من منطقة نجد، وغيرهم من الطلبة المغتربين عن أهليهم للدراسة بدار التوحيد بالطائف.
وقد كانت ولادته ـ رحمه الله ـ في مدينة الطائف عام 1356هـ، حيث نشأ فيها مع والده متجرعًا الحرمان بفقد والدته وحنانها منذ صغره، وعند بلوغه السن النظامي ألحقه والده بالمدرسة السعودية الابتدائية، وبعد تخرجه منها التحق بمدرسة دار التوحيد، وأكمل فيها المرحلة المتوسطة والثانوية حيث تخرج منها عام 1379هـ، بعد ذلك حصل على الشهادة العالية بكلية الشريعة بمكة المكرمة عام 1383هـ، بعد ذلك تم تعيينه مدرسًا بثانوية دار التوحيد بالطائف لمدة عام دارسي، ثم انتقل إلى إدارة التعليم بالطائف موجهًا تربويًا عدة سنوات إلى أن تم تعيينه مديرًا للتعليم بمنطقة الباحة عام 1391هـ لمدة سنة واحدة، بعد ذلك رغب في العودة إلى مسقط رأسه بالطائف للعمل في إدارة التعليم كما أسلفنا، وكان خلال عمله يشارك في إدارة عدد من المراكز الصيفية في كل من:
حائل، الحناكية، أبها. كما رشح للعمل في لجان التعاقد مع المعلمين في جمهورية مصر العربية لمدة عامين، وكانت فرصة أن يتجول في جوانب من نواحيها..، ومشاهدة بعض الأثار التي تقادم عهدها مثل الأهرامات المتربعة على أرض الجيزة، وغيرها من المعالم البارزة الأثرية هناك..، كما حصل على عدد من الدورات:
منها دورة في منظمة اليونسكو عام 1390هـ، وقد عاصر الكثير من مديري التعليم بالطائف: أمثال الأستاذ عبدالله بن سليمان الحصين، والأستاذ سعد عبدالواحد - رحمهم الله -، والدكتور عبدالله بن محمد الزيد، والأستاذ عبدالله بن محسن الهذلي..، وتقاعد عام 1416هـ حميدة أيامه ولياليه، تاركًا أثرًا طيبًا وذكرًا حسنًا، وكان سمح المحيا كريم السجايا، دمث الأخلاق ندي الكف، محبًا للبذل في أوجه الأعمال الخيرية في مواقع عديدة..، محفوفة بالخفاء إلا من الله سبحانه وتعالى، متواضعًا مع الصغير والكبير بارا بوالديه، وواصلا لرحمه، وبابه مفتوح ليلاً ونهارًا لمن يقصده مرحبًا ومبالغًا في إكرام الجميع:
حَبِيبٌ إلى الزُّوّارِ غِشْيَانُ بَيْتِهِ
جَمَيلُ المُحَيّا، شَبَّ وهْوَ أَدِيبُ
ولنا معه بعض الذكريات الجميلة وتبادل الزيارات، ولا ننسى تشريفه منزلنا في محافظة حريملاء هو وصديقنا الأستاذ الفاضل محمد بن ضيف الله الوقداني (أبو دلامة الثاني) - رحمهم الله - لتناول طعام الغداء وهما في طريقهما إلى الرياض لحضورهما مأدبة العشاء التي يقيمها الأستاذ الكريم عبدالرحمن بن سعود العجاجي بإحدى المتنزهات الرحبة شمالي الرياض لجميع الطلاب الذين درسوا في دار التوحيد بالطائف، وقد خلف ذرية صالحة بنين وبنات مؤهلين تأهيلا تربويًا كل في مجاله، - رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته - ، وألهم أخويه وأخواته وأبناءه وبناته، وعقيلته (أم سامي)، وجميع محبه الصبر والسلوان:
هَنيئاً لَهُ قَد طابَ حَيّاً وَمَيِّتاً
فَما كانَ مُحتاجاً لِتَطيِيبِ أَكفانِ
** **
- عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف