مها محمد الشريف
في خضم هذه الظروف، وما فرضته من أجواء على السياسة العالمية وتداعياتها على الإنسان في كل مكان يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية في ما آلت إليه أوضاع الكرة الأرضية وكأنه يتنبأ بالأزمات السياسية والاقتصادية التي تهز العالم منذ زمن تحت ظلم الأقوى، فالأقليات القومية في إيران تعاني من الاستغلال الواقع عليهم، والاختلاف الصارخ بين أوضاعهم وأوضاع رؤسائهم وبقية الطبقات الأخرى، تواجه اليوم مصيراً يتم إخضاعه لمقتضيات دولة الملالي بالقوة، حيث إن مساحة الإقليم 375 ألف كلم مربع وتشير بعض المصادر إلى أن عدد سكانه نحو 8 ملايين نسمة، ومنذ ذلك التاريخ والمنطقة تعاني من تمييز عنصري وقمع وحشي ينتهي بالقتل، وتشجيع الحكومة لنقل المزيد من الإيرانيين ذوي الأصول الفارسية إلى الإقليم.
والنتيجة الحتمية لهذا الظلم هو خلق مشاعر قوية من الحرمان وقدر كبير من المطالبات بالحقوق والواجبات، فمنطقة الأحواز تعتبر من مناطق إنتاج النفط في إيران وإحدى أغنى المحافظات الـ31 في إيران، وهي من المناطق التي تقطنها أقلية كبيرة من العرب، ولكن لم ينل الأحوازيون سوى مزيد من الفقر والعطش وعزلهم وقطع وسائل التواصل بينهم وبين العالم وقمع المتظاهرين.
لذا تستدعي مصلحة النظام الإيراني حجب الحقائق الأكثر أساسية، فبعد احتلال الأحواز العربية وسرقة مواردها من النفط والماء استمرت احتجاجات واسعة في معظم المحافظات، وفي هذه المنطقة تحديدًا السلطات الإيرانية تدفع بمزيد من القوات والحرس الثوري إلى الإقليم حيث تعمل على تقييد الوصول إلى شبكات التواصل الاجتماعي عبر الهواتف النقالة، مؤكدة أن ذلك التقييد يأتي خشية إرسال مقاطع الفيديو في ظل استمرار «احتجاجات عارمة» في مدن البلاد لليوم السابع على التوالي.
ويعني ذلك إخماد الأصوات ودفنها كما كانت طوال السنوات الماضية، وإخفاء معاناة سكان الأحواز الذين يشكل العرب نحو 95 % من قوامهم، بأن الاحتجاجات الأخيرة تطور الأحداث التي جسدت ذروة الصراع من أجل الحياة وشح المياه، فقد أثارت غضبة الأحوازيين وتمييز التعامل وتجفيف الأنهر عنهم لتستفيد منه مناطق أخرى.
وبهذا الصراع الثوري يدفع الشعب الإيراني الثمن وتبقى دولة الملالي واحدة من أكبر أدوات التخريب البشري، وهنا تتجلى قصص الصراعات أمثلة صارخة على الاستبداد والظلم تنطلق كل يوم مع رصاصات طائشة تقتل المدنيين وفي الشوارع إضافة لقتلى المشانق المعلقة، فالمسألة باتت حتمية لمواجهة هذه المطالبات من الشعب الأحوازي، الحرب تصلهم إلى المنازل بالمعنى الواقعي والعملي.
وفي هذا الإطار أيضاً لم تعد الاحتجاجات في إيران مقتصرة على عرب الأحواز الذين خرجوا رفضًا لسياسات نظام الملالي الرامية لقطع المياه عنهم، بل امتدت الاحتجاجات إلى مناطق أخرى في إيران، من بينها العاصمة طهران، فإلى أي عمق ينال الظلم من أساسيات الحياة المدنية للناس، ولن يثمر إكراههم على الولاء للطغمة الحاكمة إذا كانت هي القاتل والظالم، فالأسباب هنا مصيرية من أجل البقاء على قيد الحياة، فالفقر والجوع والعطش مسألة مصيرية وتنذر باحتمال اندلاع احتجاجات أوسع وربما يصل الأمر إلى الثورة الشاملة في البلاد.