عطية محمد عطية عقيلان
تتطور الأنظمة والتشريعات لحماية المستهلك من التعرض لمنتجات منتهية الصلاحية، وتنشط الجهات الرقابية للكشف ومعاقبة المتلاعبين بعرض منتجات منتهية الصلاحية أوتم العبث بصلاحيتها، ورغم أن كثيراً من المنتجات يمكن معرفة فسادها من خلال تغير اللون أو الرائحة أو الطعم لها، فلا تحتاج منا سوى رميها وعدم تناولها، كما أن الجهات المنتجة تجتهد للمحافظة على الصلاحية أطول مدة ممكنة عبر النقل والتخزين المناسب ومراقبتها حتى لا تتعرض للتلف والخراب وسرعة الفساد، ونهتم بالبحث عن المنتجات الجديدة بتواريخ حديثة لضمان صلاحيتها، ويؤثر تاريخ الإنتاج في سعر المنتج فكلما قدم أو قرب انتهاؤه يتم عمل عروض وخصومات للتحفيز على شرائه، ويتم إتلاف المنتجات المنتهية الصلاحية على الرغم أن كثيرا منا يستخدمها أو يتناولها دون تمييز أو دراية لأنها لم تتغير في الشكل أو تتبدل في الطعم. كذلك نمارس في حياتنا إنهاء صلاحية بعض الأشياء رغم عدم تغيرها لا شكلاً ولا مضموناً ولكن تبدل حالها ولم تعد صالحة لنا للتعامل معها، فمديرك تنتهي صلاحيته بمجرد التقاعد والتباعد عن التواصل اليومي، وهذه سنة الحياة وتحدث غالبا مع الجميع، كما أن التصميم القديم للبيت أو اللون أو الأثاث انتهت صلاحيته وأصبح بحاجة الى تجديد أو تغيير، والسيارة الكبيرة لكل أفراد العائلة تحولت إلى عبء وعائق للتحرك وغدت منتهية الصلاحية رغم نظافتها ولا تصلح للتنقل وركوبها ونستبدلها بسيارة أصغر واقتصادية، والسهرات اليومية والاجتماعات على العشاء وتمضية الوقت باللهو تنتهي صلاحيتها مع التقدم في السن والنضوج والحاجة لقضاء وقت أكبر مع نفسك وعائلتك وتتحول الى دورية بالحد الأدنى لحفظ العلاقة والود بين الزملاء، كما تنتهي صلاحية كثير من الأشياء تبعا للصحة والعمر والنضوج وتبدل المفاهيم والغايات كالسفر أو الطلعات البرية، حتى على مستوى الصداقات والزمالة والخلافات تنتهي صلاحيتها نتيجة تبدل نظرتنا ورؤيتنا لها.
لذا عزيزي القارئ أحفز نفسي وأحفزك لمراقبة صلاحيتنا والاهتمام بتوفير البيئة المناسبة حتى لا تتعرض للتلف والفساد والأضرار مع الأيام، ولنحافظ عليها ونتجنب ما يسهم في سرعة تلفها من أفعال أوردات أفعال وسلوك، وسوف نكتشف مع الخبرة وكثرة العلاقة وفقدان بعضها وحتى نحافظ على المهم منها لا بد من تفعيل وممارسة التغافل والتطنيش والتخفيف من العتاب والاحتقان والتشره واللوم والتدقيق وحتى لا تكون سببا في سرعة انتهاء صلاحيتها، وسنستفيد مع ما يمارسه التاجر في محله بمراقبة صلاحية تواريخ المواد وكيفية التعامل معها، وتطبيق لك على سلوكنا وسلوك الآخرين لأن من الصعب بعد ذلك التعامل معها لأنها قد تؤذي الصحة والحالة المزاجية والتي ستنعكس على حياتنا بشكل عام، فالحسود والحقود والبخيل وناكر المعروف لن تفيد معه كل الحيل لإبقائه صالحاً في علاقتك به، ولتكن هناك رقابة ذاتية وتفتيش دوري على سلوكنا وتعاملاتنا وكبح جموح الغرور والطمع والتأكد من عدم فسادها أو تغيرها، ولنبذل مزيدا من الجهد للبقاء صالحين لمن حولنا دون تغير أو تبدل ونبتعد قدر الإمكان عن الأنا والزهو بالنفس، ونخفف من الطمع ونتجنب الحسد، ونتدرب على قول وفعل الخير حتى لا نصبح وحيدين لا نجد من يحرص على الوجود قربنا، وتكون صلاحيتنا كالحليب لا تتعدى أياما قبل أن يطالها التغير والفساد في الطعم والشكل، ولنعلم أن أكثر ما يحافظ على طول صلاحيتنا هي مجالسة الصالحين والمتفائلين والمعطائين وكريمي النفس والمال لأنهم مثل البيئة التخزينية المثالية للمواد، فهم يوفرون بيئة ملائمة للحفاظ على صلاحيتك أطول فترة ممكنة مع ضمان الحد الأدنى لك من عدم التغير في اللون والشكل والطعم ولنهتم بتزيين أنفسنا وتجديدها أسوة بما نفعله ونقوم به عند انتقاء وتجديد ملابسنا، ونختم ببيت شعر لهارون الرشيد:
النفس تطمع والأسباب عاجزة
والنفس تهلك بين اليأس والطمع