لمكة يتوق المسلمون، وفيها تخشع القلوب، ومنها بدأت مسيرة الإسلام وبها نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، هي أم القرى وهي البلد الأمين وفيها قبلة المسلمين وإليها تُشد الرحال.
الحج خامس أركان الإسلام وهو فرض عينٍ لمن استطاع إليه سبيلاً.
ولأن الفنان التشكيلي هو ابن بيئته، موثقاً ثقافتها بإحساسه العالي، وصانعاً للجمال بمشاعره، صاحب رسالة تجمع كل لغات العالم بفرشاته التي تكتب حروفها بمزيج ألوانه مع روحه لتنتج إبداعاً يخلد ما أحب.
حرص فنانو المملكة أن تكون لهم بصمتهم في شتى المواضيع ومختلف الأفكار سيما ما يكون قريباً من قلوبهم، فأصبح للحج ومكة نصيب كبير من إبداعهم التشكيلي.
عبَّر الفنانون التشكيليون بأعمال روحانية عن ما يمثله الحج من رحمة ومغفرة وحرصوا على إبراز ما تمثله الكعبة المشرفة من قدسية لدى المسلمين
وعن المساوة بين المسلمين مهما اختلفت أعراقهم وألوانهم ولغاتهم.
وكانت التلبية أحد مواضيع أعمالهم الفنية سواء كانت تصريحاً (مكتوبة ) أو تلميحاً (بهيئة الحجاج).
رسم الفنانون مكة والحج والمشاعر المقدسة بواقعيتها كما هي، أو بمدارس فنية أخرى كالتجريدية والتأثيرية والتعبيرية والرقمية والتصوير الفوتوغرافي لتكون لكل فنان بصمته وأسلوبه الخاص الذي ينقل لنا مشاعره وحسه الفني، وليبرز جانباً من جمال هذه العبادة.
ووثقت الأعمال الفنية أيضاً الحرم المكي عبر التاريخ وعلى مر العصور، فقد نشرت دارة الملك عبد العزيز، عبر حسابها بموقع تويتر، صورة لأقدم رسم للمسجد الحرام (نقش لمكة المكرمة)، وعلقت قائلة: «مكة المكرمة في عيون الرسامين، أقدم رسم للمسجد الحرام، وهو منقوش على لوح من المرمر للنحات عبدالرحمن المكي في نهاية القرن 5هـ (11م )».
ووثق فنانو المملكة في العصر الحديث التطور المعماري في مكة والمشاعر المقدسة على مر السنين.
وبهذا يبقى الفن التشكيلي هو رسالة عالمية بلغة مشتركة يفهمها الجميع وتقرأها كل الشعوب، رسالة توثق الماضي والحاضر، تنقل الثقافة والإبداع، وتحفظ التاريخ، وتغذي الروح بجمالها.
** **
- عبدالله عبدالرحمن الخفاجي
تويتر : al_khafajii