ميسون أبو بكر
الأردن الواقعة على مشارف القلب وحدود الذاكرة تطوق حدودها السعودية بسياج من محبة كانت محطتي قبل أيام؛ ولعلي أذكر لعزيزي القارئ حميمية الأماكن التي اعتدنا ارتيادها كمكتبة الاستقلال والعبدلي التي قد يتراكم الغبار بين الكتب المعروضة على أرففها إلا أنه قد يطمئننا أننا سنجد العناوين القديمة التي نحب أن نقتنيها، ثم مطاعم عمان على تلالها وجبالها وصوت سميرة توفيق يتردد كترنيمة وفاء لأصالة المكان والإنسان، ومقاهيها التي احتفظ بعضها بالطابع التراثي، كما جعلت الكتب كجزء من ديكور المكان، والأجمل أن يكون المبدعون المثقفون أصحاب هذه الكتب من رواد المقهى.
بقلب السعوديين حنين دائم لعمان التي يكاد البعض يحفظ شوارعها وأماكنها وأشهر أكلاتها، وقد تهافت الأصدقاء والمتابعون الذين يتابعون رحلتي عبر السناب كمرشدين لي لأجمل المناطق التي يمكن أن أزورها ولأجمل المطاعم والجلسات الجميلة، فعمان تغريك أنها المدينة التي لا يمكن أن تشعر بك غريباً فيها، فهي ترحب بك في كل شبر منها، ولعلها امتداد لمدن وقبائل المملكة في الجوف وتبوك وطريف وعرعر.
كيف لي أن أصف لك عزيزي القارئ ابتهاجي وفخري وأنا أسمع ثناء الناس الذين التقيتهم واهتمامهم بسعي السعودية لتحقيق رؤيتها وبالكثير من الأحوال التي تبدلت كقيادة المرأة وتمكينها وتمكين الشباب عماد الرؤية، ولقد تطرقت لهذا في برنامج «حلوة يا دنيا» في لقاء قناة الرؤية بي، والذي يعتبر البرنامج الصباحي الأكثر مشاهدة ويقدمه الزملاء فؤاد الكرشة وميس النوباني.
الأردن التي تعد وجهة سياحية آمنة مقارنة بدول تزعزعت سياحتها بسبب الظروف الاقتصادية والأمنية التي تمر بها، فهي قريبة للمملكة ووسائل السفر إليها متعددة والعادات والتقاليد متقاربة، أعادت لذاكرتي النشاطات الثقافية الإعلامية وحلقات تلفزيونية لقناة الإخبارية كنت سجلتها مع وزراء ثقافة ومثقفين وفي مناسبات ثقافية متعددة كان أهمها جرش، وقد كنت في زيارتي هذه افتقدت الشاعر المثقف وزير الثقافة السابق جريس سماوي وآخر مواضيع حوارنا عن جزيرة فرسان في جازان وما تشهده المملكة من قفزات أذهلت العالم.
استحضرت في عمان شعراء سعوديين هم كالنقش في ماضي هذه العاصمة العريقة ومدرجاتها التاريخية التي ضمتهم في أمسيات متعددة: سليمان الفليح، عبدالله الصيخان، محمد بن جبر الحربي، خديجة العمري وآخرون. وسأعود من عمان محملة بذاكرة عذبة من حكايا رواها لي أصحابها عن مشهد ثقافي سعودي -أردني عذب لعله يتجدد بعد الخلاص من كورونا التي أوقفت المهرجانات واللقاءات والأمسيات.
سأهتف للثقافة لأنها شرايين الحياة ونبضها وللمبدعين الذين يحملون على عاتقهم وصل هذا العالم وأصالة ماضٍ لا ينطفئ من ذاكرتهم.