د. عبدالحق عزوزي
شاركت في حلقة نقاش حول «حج هذا العام في ظل جائحة كورونا.. الأبعاد والمعاني» من تنظيم هيئة الصحفيين السعوديين وبرعاية الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، الأستاذة إسراء منصور عسيري وبمشاركة صفوة من المختصين. وحج هاته السنة ينظم في ظروف استثنائية، إذ قررت المملكة العربية السعودية تقليص عدد الحجاج وذلك حرصًا على إقامة هذه الشعيرة المقدسة على الوجه المطلوب، ولضمان سلامة ضيوف الرحمن في ظل انتشار الجائحة، وتحقيقًا لمقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ النفس البشرية.
وتناولت في كلمتي النظرة الشمولية للمسلمين تجاه خدمات الحج تبعاً للتطوير المستمر لخدمات الحجيج في الحرمين والمشاعر المقدسة ومنها توسعة الحرمين، سقيا زمزم، جسر الجمرات، قطار الحرمين، خطط التفويج، وتسعى المملكة إلى المضي قدماً في تطوير الأنظمة تماشياً مع أهداف رؤية 2030، لاسيما ما يتعلق بالحج والعمرة والزيارة والمرور، وهي ماضية في خطتها لاستقبال 30 مليون معتمر بحلول عام 2030، عطفاً على التوسع في الخدمات المقدمة للحجاج سنوياً، إضافة إلى التسهيلات التي ستقدم لخدمة زائري المملكة... كما تطرقت في كلمتي إلى بعض المشاهدات والانطباعات المباشرة التي أستحضرها من خلال حجي لثلاث سنوات مضت، أي قبل بداية جائحة كورونا.
والواقع أن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يلمسون المشروعات العملاقة التي أقامتها المملكة لتوسعة الحرمين الشريفين وتطوير المشاعر المقدسة، ومنها جسر الجمرات وقطار المشاعر، والتي تتناغم مع رؤية المملكة 2030، وتتيح الفرصة لزيادة أعداد قاصدي الحج والعمرة ليؤدوا مناسكهم بكل يسر وراحة وطمأنينة. وتعد توسعة المسجد الحرام والمسجد النبوي درة الأعمال التي اضطلعت بها المملكة العربية السعودية في خدمة الإسلام والمسلمين، حيث يأتيان في مقدمة الاهتمامات الكبرى للدولة، تسهيلاً لأداء المسلمين مناسكهم وتوفيرًا للأمن والطمأنينة لهم.
وقد جاءت رؤية المملكة 2030 لتقدم استراتيجية متكاملة لتطوير منظومة الحج والعمرة، من خلال إتاحة الفرصة لعدد أكبر من المسلمين في تأدية مناسكهم، وفي هذا الصدد جاء تطوير المشاعر المقدسة ليشكل خطوة مهمة لاستيعاب هذه الأعداد المتزايدة سنوياً، كما أنجزت شبكة قطار المشاعر المقدسة، ومشاريع إسكان وخيم الحجيج، والانتهاء من توسعة وإنشاء مطارات ضخمة لاستقبال ضيوف الرحمن، وتوفير إدارة أمنية فاعلة ومنجزة للحفاظ على أمن الحجاج واستقرارهم، حيث تم إطلاق برامج الترحيب بالحجاج لحظة قدومهم إلى المملكة، كما نشرت وزارة الحج والعمرة مراكز خدمات الحجاج في مكة المكرمة والمدينة المنورة لتقديم الخدمات والتسهيلات.
قلت في كلمتي إنني أنتمي إلى المدرسة التفاؤلية، وإن هاته الجائحة ستتغلب عليها البشرية بإذن الله، وسترجع الأمور إلى ما هو أحسن في المستقبل القريب، وستشهد المشاعر المقدسة في السنوات المقبلة، قدوم حشود من مختلف أنحاء العالم ومن كل فج عميق، ليشهدوا منافع لهم، كما عاينت ذلك بنفسي منذ ثلاث سنوات في مشاهد ووقائع عدة جعلتني وتجعل كل إنسان يعي سبب وجوده فوق الأرض وقيمة وعظمة ديننا الحنيف... وقد كنت عاينت في تلك السنة أمطاراً هبت بالرحمة والسلام على جموع عرفات لتواجه حرارة المشهد المقدس؛ وشهدنا جميعاً تجمعات لشعوب من مختلف أنحاء العالم جاءت للتعارف في بقعة واحدة بمخيمات عرفات، دون سابق معرفة أو إعداد، فضلاً عن مسيرات للحب الإلهي، بالإضافة لمشاهير وأعيان وأغنياء تركوا نجوميتهم وغناهم بحثاً عن رحمة الله، حيث يتساوى هناك الجميع.
ولا غرو أن ما انتبه إليه الحجاج في المشاعر المقدسة، هو التوسع في أعمال الخير، حيث بدت مشاهد العطاء والخير حاضرة، لاسيما في توزيع عبوات المياه والأطعمة وغيرها مما يريح الحجاج ويخفف عنهم دون أن ننسى التوسعة في المكان، حيث بدت توسعة رمي الجمرات أكثر تيسيراً على الحجاج، وتعد منشأة الجمرات من أبرز المشروعات في مشعر منى، وتتكون من خمسة طوابق ارتفاع كل منها 12 متراً، وتضم كل الخدمات.
ونحن نطوف طواف الوداع رأينا حول الكعبة، التي ضمت حشود الحجاج، مشاهد فيما تبدو وكأنها حديقة فيها مختلف الأزهار، حيث يقوم الحجاج برفع شمسيات للوقاية من أشعة الشمس بألوان مختلفة، وهو ما يظهر من أعلى الطوابق المحيطة بالكعبة وكأنها حديقة مبهجة للناظرين... وعيدكم مبارك سعيد.