سهوب بغدادي
فيما وافق مجلس الوزراء في عام 2020 على برنامج «الاستمطار الصناعي» الذي يستهدف زيادة معدل الهطول المطري بنسبة تصل إلى 20 في المائة عن المعدل الحالي الذي لا يتجاوز 100 ملم سنوياً، وذلك يعني أن السعودية تعدّ من أكثر الدول جفافاً حول العالم أجمع، بناء على تكوينها وخصائصها الجغرافية وأحوال الطقس، حيث أوردت وزارة البيئة والمياه والزراعة «بأن الاستمطار الصناعي يعنى بمعالجة مستهدفة لأنواع معينة من السحب واستغلال خصائصها الفيزيائية لتحفيزها للهطول، من خلال بذر بعض المواد المحفزة وبعضها طبيعية، في أماكن محددة، من هذه السحب، وتفريغ أكبر قدر من محتواها المائي، مشيرة إلى أن عمليات الاستمطار لا تعمل على تكون السحب من البداية، ولكن تعمل على زيادة الهطولات المطرية من السحب القابلة للاستمطار». أي أن العملية تسهم في مساعدة الدول التي تعاني المناخ الجاف، زيادة مخزون المياه الخاص بالزراعة، والمساهمة في تحسين المناخ، وزيادة كثافة الغطاء النباتي. بغض النظر عن سلبيات عملية الاستمطار الصناعي التي قد تقلل من هطول الأمطار على المناطق أقل جفافاً أو المدن الساحلية، علاوة على التكلفة الباهظة للعملية، حيث يصل استمطار ما يقرب من 24 سحابة إلى 5 آلاف دولار تقريبا. عدا ذلك فالبرنامج ممتاز بشكل عام باعتبار حالة الطقس الجافة على مدار العام في مجمله وقلة المسطحات المائية. إذ تعد سلبيات البرنامج أقل مقارنة بإيجابياته بمشيئة الله تعالى وإرادته.
ويجدر بالذكر أنه تقرر الشروع في البرنامج من منطقة عسير، بالرغم من اعتدال الجو فيها وكثافة الغطاء النباتي، فلقد أثار اختيار المنطقة فضولي، باعتبار تواجد مناطق ومدن وقرى ومحافظات أكثر جفافاً وبحاجة إلى تحسين الطقس فيها، إلا أن اختيار عسير قد يكون لدواعٍ تجريبية وتشغيلية لضمان مأمونية وكفاءة البرنامج لتشابه الأثر في المنطقة، أو لأسباب تختص بالسياحة ونمائها.
من ناحية أخرى، مع رحيل الجو الاستثنائي الرطب الذي عم مدينة الرياض خلال الأسبوع الماضي، شهدنا تغيرات جيدة فيما يختص بزيادة النشاط الرياضي في المرافق الخارجية والمرافق العامة، فالعديد من الأشخاص تمكنوا من ممارسة رياضة المشي كما تمكن الأطفال من الخروج إلى الحدائق العامة وللعب في الهواء الطلق، بغض النظر عن حرارة الجو إلا أن الكثير من الأشخاص يفضلون المعادلة التالية (رطوبة + حر) على (جفاف + حر) ففي كلتا الحالتين يجاهد الأفراد في تبني أسلوب حياة أكثر حيوية ونشاطاً متغافلين بذلك عن تحديات الطقس، فالجفاف يصعب الأمر لمرضى الأمراض التنفسية كالربو والجيوب الأنفية وهكذا -شفاهم الله- فمن الجميل أن نرى تفعيلا لبرنامج الاستمطار الصناعي، بالإضافة إلى المبادرات المعززة للبرنامج سواء كان من زيادة الغطاء النباتي والاستزراع النباتي أو تحسين جودة الطاقة المستخدمة وتوظيف مصادر الطاقة النظيفة، وما إلى ذلك من المشاريع والخطط التي أتت في جنبات رؤية الوطن الوطن الطموحة 2030 وكل ذلك في سبيل تعزيز حياة الفرد وازدهار المجتمع على أراضيه.