فضل بن سعد البوعينين
ليس مستغرباً تسابق أهل الخير لمساعدة المحتاجين وتلمس حاجاتهم ومد يد العون لهم. ومن فضل الله سبحانه وتعالى على هذه البلاد أن يسر لها أدوات البذل والعطاء الآمنة والميسرة، وبرامج الإحسان المتخصصة، والمدعومة من الدولة، حفظها الله، وهو دعم يتجاوز العطاء المالي والتنظيم والرعاية إلى خلق برامج نوعية يشرف عليها ويمولها قادة هذه البلاد المباركة.
التقدم في مؤشرات خدمة المجتمع، وتعزيز دور المجتمع المدني، ومؤسساته التنموية، وبناء قطاع ثالث غير ربحي، كفؤ قادر على تلبية احتياجات شرائح متنوعة من المجتمع، ممن يحتاجون الدعم والمساندة، من أهداف رؤية 2030 التي بدأت في التبلور من خلال مشروعات مجتمعية وبرامج متخصصة داعمة للمحتاجين.
ومن البرامج المجتمعية غير الربحية والنوعية في مساهماتها الخيرية برنامج سند محمد بن سلمان، الذي يتلمّس احتياجات شرائح المجتمع بهدف تقديم العون وتوفير الحياة الكريمة والاستقرار المجتمعي لها.
قد يركز البعض على الدعم المالي بمعزل عن أدوات التنمية المجتمعية الأخرى، إلا أن برنامج «سند» يتوسع في خدماته المجتمعية لتشمل الدعم المادي والمعرفي والتنموي الشامل، وبما يتوافق مع المتطلبات العالمية، ويعزز من مكانة المملكة في مسار التنمية المجتمعية، ويسهم في نقل المستفيدين من شريحة المحتاجين إلى شريحة المنتجين القادرين على توفير احتياجاتهم بمعزل عن الدعم.
يعتمد البرنامج في تقديم خدماته على الآليات التقنية الحديثة من خلال منصة إلكترونية يسهل الوصول إليها وتضمن الأمان التام وتقديم الخدمة بعدالة لمحتاجيها دون تكبد عناء المراجعة الحضورية، ما يسهم في تمكين الشرائح المستحقة والمستهدفة من التواصل مع البرنامج والحصول على الدعم من خلال المنصة الإلكترونية، وبكل يسر وسهولة.
جمع الخدمات الإنسانية تحت مظلة واحدة، وتتفرع منها البرامج النوعية الموجهة لخدمة شرائح المجتمع بحسب احتياجاتها، من الآليات الإدارية المتميزة، التي تحقق الضبط والرقابة والفاعلية وكفاءة التشغيل، وهو أمر تحتاجه برامج التنمية الاجتماعية بشدة، وأحسب أن برنامج «سند محمد بن سلمان» ينتهج تلك الآلية المنضبطة، حيث يعتبر البرنامج مظلة لبرامج مجتمعية تنموية متعددة ومتخصصة موجهة لخدمة المجتمع بحسب تصنيف الاحتياج، وما يسهم في التركيز على الشريحة المستهدفة وتوجيه التدفقات المالية بعدالة نحوها وقياس الأداء التشغيلي والأثر المجتمعي بدقة.
مبادرة «سند الزواج» جزء مهم من برنامج سند، خاصة وأنه يستهدف شريحة الشباب من الأيتام وذوي الظروف الخاصة وذوي الإعاقة باعتبارهم أكثر الشرائح المجتمعية احتياجاً للدعم. تطوير منظومة الرعاية الاجتماعية من أهداف سند الرئيسة. فالعبرة دائماً بتحقيق أقصى معدلات منفعة المساعدات الإنسانية وإيصالها لمستحقيها بعدالة، ووقف الهدر وتسرب المساعدات لغير مستحقيها، أو تجاوزها المتعففين ممن لا يسألون الناس إلحافاً.
الاستدامة من أهم متطلبات برامج الدعم التنموي، حيث يشكل دعم ما يقرب من 200 شاب وفتاة على مستوى مناطق السعودية، من خلال مبادرة «سند الزواج»؛ المرحلة الثانية بعد المرحلة الأولى التي قدم فيها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مبلغ 520 مليون ريال، لأكثر من 26.000 مستفيد في مختلف مناطق المملكة، إضافة إلى تلقيهم دورات تدريبية في الوعي المالي لتعزيز المعرفة والتثقيف حول الاستفادة المثلى من الدعم.
الإحسان في بلد الخير والعطاء ثقافة متأصلة، تدعمها القيادة، ويغذيها الوازع الديني، والرحمة لذوي الحاجات، والانتماء المجتمعي، وتحقيق متطلبات الشراكة المجتمعية الجالبة للسعادة والبركة ورضا الله، سبحانه وتعالى.
قال تعالى: (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ). والسعيد من فتح باب الصدقة، وأنفق في سبيل الله، وأنفق في الدنيا ليدخره ليوم عظيم (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ).